قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
كيف تطلب العلم
18849 مشاهدة
دروس العلماء

* التذبذب في حضور الدروس
* عذر غير مقبول.
* كيف يختار الطالب الدرس المناسب ؟
* هل تصلح الأشرطة الصوتية بديلا؟

16- ما وصيتكم لمن يحضر الدروس العلمية؟ وكيف يستفيد منها الاستفادة المثلى ؟
نوصيه أولا بحسن النية، بأن يقصد بالحضور الاستفادة والتزود من المعلومات الدينية، ولا يكون قصده الرياء والمباهاة، أو إظهار نفسه مع الآخر، أو التمدح عند الناس، فإن هذه النية تحبط العمل، وتذهب بركة العلم.
ونوصيه بالمواظبة والملازمة لمن يفضل الاستفادة منه، وعدم التغيب إلا لعذر لا يقدر معه الحضور.
ونوصيه أيضا بالإنصات والإصغاء للشرح، وتأمل ما يقوله الشيخ، والحرص على إحضار القلب، والتفهم لكل عبارة أو مسألة تمر به، فإن التبس عليه مسألة أو عبارة غامضة حرص على البحث عنها حتى يفهمها جيدا.
ونوصيه كذلك بالمذاكرة وتكرار ما استفاده وتحصل عليه في كل درس، فيتذكر ما استفاده من الشيخ، ويردده مرة بعد مرة، ويبحث مع زملائه، ويفيدهم مما حفظه، ويطلب منهم الإفادة مما فاته وحفظوه.
ونوصيه أيضا بمطالعة الشروح، والتعليقات، والحواشي، التي كتبها العلماء على المتون أو الشروح، حتى يزداد فهمه ويحفظ ما فاته، ويضيف ذلك إلى معلوماته.
17- هل يمكن الاستعاضة عن الدروس العلمية في المساجد بالأشرطة المسجلة؟ تنقل لآخر الفصل الحالي
لا شك أن هذه الأشرطة مما يسرها الله وسهل حفظ العلوم فيها؛ وذلك لأن التسجيل يثبت ما قيل في ذلك الدرس، وما شرح به المدرس ذلك المتن، وما أجاب به المدرس على سؤال من سأله، فهي فتح من الله، وباب من أبواب العلم ظهر في هذه الأزمنة، وإن حصل منها أيضا تسجيل اللهو والباطل، ولكن من سجل بها الفوائد، والمحاضرات، والدروس العلمية، وصانها عن العبث بها؛ استفاد منها كثيرا، واستمع إلى ما فاته من الدروس في المساجد ونحوها، ولكن حضور الطالب واستماعه إلى شرح المدرس، وبحثه عما أشكل عليه، واستفهامه لما انبهم عليه، أكثر فائدة من سماع الأشرطة العادية.
18- كثيرا ما يتحمس بعض الطلاب فيحضرون دروسا علمية عديدة، ثم ما يلبثوا أن يتركوها إلى غيرها أو إلى لا شيء.. فما علاج هذه الظاهرة؟
ننصح طالب العلم بمواصلة الطلب بحضور الدروس العلمية، ومتابعة حلقات العلماء قبل فوات الأوان، فيغتنم شبابه الذي هو زمن نمو العقل والفهم، وقوة الإدراك، وزمن ريعان الشباب، فإنه لا يعود إذا ذهب العمر، وقد ورد في الحديث عن ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لرجل وهو يعظه: اغتنم خمسا قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وغناك قبل فقرك، ودنياك قبل آخرتك رواه الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي ورواه أبو نعيم في الحلية مرسلا وفيه الحث على اغتنام الفراغ، فإن الإنسان لا يتفرغ دائما، فقد يتجدد له ما يشغله ويعوقه عن التعلم، فيأسف على أيام وأوقات أهمل فيها التعلم وهو متمكن، ولا شك أن هذه الأزمنة قد توفرت فيها وسائل الاستفادة، بوجود حلقات العلم، ووجود الجامعات الإسلامية، وبوجود الكتب المحققة، والأشرطة الإسلامية، فمن فرط في الاستفادة مع تفرغه وتمكنه فهو المغبون، وكذلك من بدأ بالحضور ثم انقطع لغير سبب، بل كسلا وزهدا في العلم، وإيثارا للراحة وهوى النفس، أما إن انتقل إلى حلقة أخرى عند عالم آخر، ممن هو قدوة وأسوة في العلم، فلا بأس بذلك، لكن عليه أن يواظب ويستمر حتى يفتح الله عليه من العلوم ما ينفع به نفسه، وما ينفع به غيره، ولا شك أن الرغبات تختلف من حلقة لأخرى ومن عالم لغيره.
19 - يعتذر البعض عن حضور الدروس العلمية بكون مسير الشيخ في شرحه بطيئا، فلا ينهي الكتاب إلا في ست أو سبع سنين.. فهل هذا العذر مقبول؟
لا يعذر في ذلك، حيث إن الشيخ قد يرى التوسع في الشرح مناسبا إذا كان الطلاب قد تجاوزوا بعض المراحل الدراسية، وأصبحوا مؤهلين لمعرفة فروع المسائل، ومناقشة الأدلة، وذكر المصالح والحكم التي تترتب على الأحكام، وذكر التعليلات والتوجيهات التي يعرف بها سبب شرعية الحكم، بحيث يفهم الطلاب فهما جيدا من التوسع ما لا يفهمونه من الإيجاز والاقتضاب، فعلى الطلاب المواصلة إلى نهاية ذلك الفن أو تلك الفنون، ولو طالت المدة، فإن كل درس تحصل فيه فائدة جديدة أو فوائد، ولو كانت متفرقة.
ثم إن جمع المسائل وقراءتها في زمن قصير قد يكون مفيدا لبعض الطلاب الذين لا يتيسر لهم المواظبة طوال العام، فيحضرون بعض الدورات التي تقام في بعض الصيفيات، وتكمل فيها بعض المتون المفيدة، مع شيء من الإيجاز، والاقتصار على جزء خاص من المتن، ولكن ذلك لا يعوق الطالب عن المواظبة على الدروس التي يتوسع فيها، وتكمل فيها الكتب ولو مكثت عدة سنوات، فإن العلم لا ينال إلا بتعب ونصب، وصبر على طول الزمان، ومشقة الحضور والمواظبة حتى يحصل المراد.

20- ينشغل بعض الطلاب أثناء حضورهم للدرس بالتعليق على الكتاب، بينما يرى البعض أن يصرف الهمة والجهد إلى الاستيعاب فإلى أي الطريقتين تميلون؟
المختار لمن هو قوي الذاكرة، سريع الحفظ، حاضر الذهن، أن يلقى سمعه لما يقول المعلم، متى يستوعب الدرس، ولا يغفل عن بعضه إذا كان جديدا عليه، محتاج إلى تأمله كله، ثم في إمكانه بعد ذلك أن يكتب ما فهمه، سواء على هامش نسخته أو في دفاتر خاصة، أما من كان ضعيف الذاكرة، سريع النسيان، فيختار له أن يكتب ما تجدد له مما لم يكن يعلمه من قبل، من حكمة، أو دليل أو فائدة، حتى لا تذهب بالنسيان بعد الانتهاء.
21- هل ترى أن يحضر الطالب دروسا متعددة في فنون شتى، أم ترى الاقتصار على فن من الفنون إلى حين ضبطه؟
تختلف باختلاف مدارك الطلاب وميولهم، فأرى أن الطالب الذي عنده قوة فهم، وقدرة على الحفظ والفهم، له أن يتوسع في المعلومات، ويحضر العديد من الدروس، ويقرأ في عدد من الفنون المهمة، وذلك اغتناما لوقت الفراغ وزمن قوة الحفظ، وهو ريعان الشباب، فله أن يحضر الدروس في الفقه والحديث، والعقائد، والتفسير، والأصول، وله أن يضيف إليها الأدب والتأريخ، والعربية، وله أن يزيد قراءة في الرياضيات، والعلوم الأخرى التي قد يحتاج إليها الناس في هذه الحياة، فأما من كان محدود الإدراك، فأرى أن يختار أهم الفنون، كالفقه بأدلته، وأصوله، وما يحتاج إليه معه كالنحو، واللغة، فبعد أن يحصل منه على مقدار مفيد يتوسع في غيره مع عنايته بالتوحيد ونحوه.