الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
كيف تطلب العلم
18837 مشاهدة
المقدمة

الحمد لله الذي رفع المؤمنين والذين أوتوا العلم درجات، وألهم الاستغفار لهم جميع المخلوقات، ووعدهم بوافر الأجر وجزيل الأعطيات، والصلاة والسلام على خير البرية محمد، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد:
فإن من أعظم جوانب بناء النفس وتزكيتها، جانب العلم والتعلم: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ فبه يعرف المرء الحق من الباطل، وبه يميز الحلال من الحرام، ومنه يستقي حكم الله فيما يجد للعباد من نوازل وحوادث.
والحديث عن فضل العلم والتعلم ومنزلة أهله حديث يطول، وأحسب أن القارئ لم يقتن هذا الكتاب ويضمه إليه إلا إيمانًا منه بأهمية العلم ومكانته، ورغبة في اللحاق بركبه وصحبه.
وحسبنا قول الباري -عز وجل- يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وحديث أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- قال: ذكر للنبي -صلى الله عليه وسلم- رجلان أحدها عابد، والآخر عالم، فقال: فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم ثم قال النبي -صلى الله عليه وسلم- إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض، حتى النملة في جحرها والحيتان في البحر، ليصلون على معلم الناس الخير .
ولا شك أن النفس لتشرئب عند سماع هذه النصوص إلى طلب العلم والسعي في تحصيله، ولكن فئاما من الناس عند حماسهم واندفاعتهم يسلكون طريقا غير صائب، فيضلوا الطريق، ويخطئوا الجادة، ويسيرون على غير وجهة، ويمضون من غير هدف واضح محدد، فتجد الواحد منهم يحضر درسا ثم يتركه، ويلازم شيخا ثم ينقطع، ويقرأ كتابا أو كتبا، ثم يترك القراءة، فصار من الأهمية بمكان أن يكشف الغطاء ويحل الإشكال، ببيان طريقة طلب العلم وأسلوب تحصيله، درسا وحفظا وقراءة ودعوة.
ومن هنا كانت فكرة هذه الرسالة، التي أتت نتيجة لقاء خطّي مطول مع عالم بارع وشيخ جليل متمكن؛ ليوضح لنا طريق الطلب المختار، وذلك من خلال تجربته العريقة، ووجهة نظره الخاصة.
حيث قيدت مجموعة كبيرة من الأسئلة التي تتعلق بموضوع (طلب العلم)، وقسمتها إلى أبواب متفرقة، وعرضتها على سماحة الشيخ العلامة: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين -حفظه الله وسدد خطاه فتقبلها بقبول حسن- على رغم كثرة أعماله وأشغاله وارتباطاته وأسفاره، وأجاب عنها إجابة كافية شافية، فجزاه الله خير الجزاء وأجزل له الأجر والمثوبة ورفع قدره وذكره وكنت قد ذيلت الأسئلة الموجهة للشيخ بأبيات منها:
<شطر> سلام الله يا شيخ المعالي
[close]
<شطر> عليـك بعـدّ حبـات الرمال
[close] <شطر> سـؤالات كـتبن لكـم فـهلا
[close]
<شطر> أجـبتم بالبنان على سؤالي
[close] <شطر> فـإن الصحـب في شوق إليها
[close]
<شطر> كظمــآن إلــى مــاء زلال
[close] <شطر> يريـدون الإجابـة من كريم
[close]
<شطر> لأجـل الدين يبذل كل غالي
[close]
.
وهاهي الرسالة قد صارت بين يديك، تتنقل في رياضها من موضع لآخر، تتفيأ تحت ظلالها، وتجتني من ثمارها، فإن وجدت خيرا وصوابا فاعلم أنه من توفيق الله وسداده، وإن وجدت غير ذلك فتذكر أن النقص سمة الإنسان وصفته.
ولا أنسى أن أشكر كل من ساعد وساهم في إخراج هذه الرسالة على هذا الوجه، وأخص منهم أخي محمد بن سعد آل عوشن الذي كان له إسهام كبير في الرسالة منذ أن كانت فكرة، حتى صارت كتابا ورأت النور.
أسأل الله أن ينفع بها، ويكتب أجرها، وأن يوفقنا للعمل بها والاستفادة من منهجها.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

عيسى بن سعد آل عوشن