اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري
43122 مشاهدة
باب اتباع الجنائز من الإيمان

ذكر بعد ذلك الباب الخامس والثلاثين اتباع الجنائز من الإيمان.
يقول: حدثنا أحمد بن عبد الله بن علي قال: حدثنا روح قال: حدثنا عوف عن الحسن ومحمد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من اتبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا وكان معه حتى يصلى عليه ويفرغ من دفنها؛ فإنه يرجع من الأجر بقيراطين، كل قيراط مثل أحد ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن فإنه يرجع بقيراط .
تابعه عثمان المؤذن قال: حدثنا عوف عن محمد عن أبي هريرة .


اتباع الجنائز يعني تشييعها والسير معها إلى أن تدفن، وهو من حقوق المسلمين بعضهم على بعض، أن المسلم عليه حق لإخوانه المسلمين، جاء في حقوق المسلمين قول النبي -صلى الله عليه وسلم- للمسلم على المسلم ست بالمعروف، تسلم عليه إذا لقيته، وتجيبه إذا دعاك، وتشمته إذا عطس، وتعوده إذا مرض، وتتبع جنازته إذا مات، وتحب له ما تحب لنفسك .
وفي هذا الحديث أنه جعل هذه الخصلة من الإيمان، فيقول: من تبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا يعني اتبع جنازة أخيه المسلم، حمله على اتباعها: الإيمانُ والاحتسابُ. الإيمان بالله تعالى، يعني بخبره، أنه أمر بذلك ورغب فيه، واحتسابا يعني طلبا للأجر. هكذا جاء في روايات وفي خصال مثل قوله: من صام رمضان إيمانا واحتسابا من قام رمضان إيمانا واحتسابا من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا يعني جعل ذلك من الإيمان، جعل اتباع الجنائز من الإيمان؛ يعني أنه مؤمن بأنها عبادة، وفيها أجر، وله فيها رغبة في الخير، حمله على ذلك الإيمان والاحتساب؛ فله هذا الأجر.
ذكر أنه إذا تبعها حتى يصلى عليها فله قيراط، وسئل: ما هو القيراط؟ فقال: مثل جبل أحد ؛ يعني أجر كبير، مثل جبل أحد من الأجر، وأما إذا تبعها حتى تدفن ويفرغ من دفنها فله قيراطان، قيراط على الصلاة عليها، وقيراط على اتباعها وتشييعها إلى أن تدفن، ولا شك أن هذا أجر كبير وثواب عظيم إذا وفق الله تعالى العبد له.
لمَّا حدث أبو هريرة رضي الله عنه بهذا أنكره بعضهم، روي عن ابن عمر أنه استنكر ذلك وقال: أكثر علينا أبو هريرة ثم إنه أرسل إلى عائشة هل سمعت هذا من النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ فقالت: نعم. يعني صدقته، وذكرت أنه قد حدث به، وأنه قد قاله، فابن عمر يقول: لقد فرطنا في قراريط كثيرة. يعني أنه لم يكن يتبعها دائما، فالتزم بعد ذلك أن يتبع كل جنازة إذا صُلي عليها إلى أن تدفن، فهذا دليل على اهتمام الصحابة -رضي الله عنهم- بالأعمال التي يكون فيها الأجر.