إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري
43089 مشاهدة
باب أحب الدين إلى الله أدومه

باب أحب الدين إلى الله أدومه قال: حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا يحيى عن هشام قال: أخبرني أبي عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل عليها وعندها امرأة قال: من هذه؟ قالت: فلانة تذكر من صلاتها؛ قال: مه عليكم بما تطيقون فوالله لا يمل الله حتى تملوا وكان أحب الدين إليه ما داوم عليه صاحبه .


هكذا جاء لما أن هذه المرأة التي عند عائشة مدحتها بأنها تكثر الصلاة –يعني- صلاة التطوع أنكر ذلك وقال مه اكلفوا من العمل ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا (الملل) الكراهة –يعني- لا يكره العمل حتى تكرهوه وإذا كرهتموه واستثقلتموه فإن الله يكرهه لكم وذلك لأن الإنسان إذا استثقل العمل لم يكن مطمئنا إليه فلا يكون محبا له وراغبا فيه فلذلك لا يكلف الإنسان نفسه ولا يشق عليها وإنما يعمل العمل الذي يطيقه ويقدر عليه هذا هو الأصل اكلفوا من العمل ما تطيقون .
كان -صلى الله عليه وسلم- أحب العمل إليه ما داوم عليه صاحبه ولو كان قليلا؛ لأن العمل المستمر أكثر من العمل المنقطع ولو كان العمل المستمر قليلا ليكون الإنسان عامرا حياته بعمل صالح يتقرب به إلى الله –تعالى-.