الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
83637 مشاهدة
مقدمة معد الكتاب


إن الحمد لله، نحمده ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد:
فهذا شرح نفيس ميسر لكتاب لمعة الاعتقاد للإمام موفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي رحمه الله، شرحه فضيلة شيخنا العلامة الدكتور: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين حفظه الله تعالى وأمد في عمره، أقدمه لطلاب العلم بعد أن تمت مراجعته من قبل شيخنا -حفظه الله تعالى- فصححه ونقحه وأضاف إليه ما يحتاج من زيادات فخرج بهذه الصورة التي آمل أن يجد فيها قارئه ما يفيده، وكان هذا الكتاب في الأصل عبارة عن دروس ألقاها فضيلة الشيخ في الدورة العلمية لعام 1415هـ بمسجد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، فقمت بتفريغ الأشرطة وكتابتها، ومن ثم عرضتها على فضيلته وقرأتها عليه فشجعني على تقديمها لإخواني طلاب العلم للاستفادة منها.
أسأل الله أن يوفقني لما فيه الخير والصواب، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيراً.

 عملي في الكتاب:  
1- فرَّغت الأشرطة التي تم تسجيل الدروس عليها وكتبتها بخط اليد وذلك بمساعدة بعض الإخوان فجزاهم الله خيراً.
2- قمت بقراءة  جميع الشرح على فضيلة الشيخ بمنزله العامر بالرياض كما قرأ -وفقه الله- الصورة النهائية التي اعتمدت في الكتاب والتي بين أيدينا نسختها الآن.
3- في الطباعة وضعت المتن بعد كلمة (قوله) والشرح بعد كلمة (شرح) لأسهل على القارئ الكريم التفريق بين المتن والشرح.
4- رقمت الآيات فوضعت بجانب كل آية اسم السورة ورقم الآية.
5- إذا كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما فإنني أقتصر في التخريج على ذلك، أما إذا لم يكن موجودًا فيهما أو في أحدهما فإنني أبحث عنه في سنن أبي داود والترمذي ثم بعد ذلك فيما يتيسر من كتب الحديث أو غيرها.
6- وضعت مقدمة للكتاب كما وضعت خاتمة له.
7- قمت بفهرسة الموضوعات فقط ولم أقم بفهرسة الآيات والأحاديث والآثار والأسماء والكُنى لخوف الإطالة وتضخيم الكتاب أكثر مما يجب.
8- اعتمدت في الطباعة بالنسبة للمتن (لمعة الاعتقاد) على الطبعات الآتية وهي:
 أ- طبعة دار الهدى بالرياض بتحقيق الشيخ عبد القادر الأرناؤوط
 ب- طبعة مكتبة ابن تيمية بالقاهرة ومكتبة العلم بجدة بتحقيق الشيخ عبد القادر الأرناؤوط
 ج- طبعة دار الصميعي بالرياض (تعليقات على لمعة الاعتقاد) وهي عبارة عن أسئلة وأجوبة على اللمعة لفضيلة الشيخ الدكتور: عبد الله بن جبرين وفقه الله.
وما عملت في هذا الكتاب فهو جهد المقل وعمل العاجز، وما ورد فيه من تمام فمن توفيق الله، وما فيه من تقصير فمن نفسي وأستغفر الله منه.
أسأل الله الكريم العظيم أن ينفع بشرح هذا الكتاب كما نفع بأصله، وأن يجزي شيخنا الكريم عني خير الجزاء، وأن يجعل عملي فيه وفي غيره رفعة في الدرجات في جنات عدن، إنه القدير على ذلك سبحانه وتعالى. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وآله وصحبه وسلم تسليما كثيراً.

كتبه الشيخ
محمد بن حمد المنيع