إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
تفسير آيات الأحكام من سورة النور
56081 مشاهدة
القذف بغير الزنا

...............................................................................


اختلف هل يلحق بالزنا غيره؟. لا خلاف أنه يلحق به القذف باللواط؛ لأنه من جملة الفواحش؛ ولكن لو قذفه بالكفر ونحوه؛ لو قال: يا يهودي، أنت يهودي ، أنت نصراني، هذا مشرك، هذا كافر، هذا منافق، هذا ملحد؛ ألحد في آيات الله، ألحد في أسمائه، هذا زنديق، هذا تزندق، تزندق فلان أو ما أشبه ذلك، فالصحيح أن فيه التعزير إذا طالب بذلك صاحبه المقذوف؛ فإنه يعزر ذلك القاذف بما يردعه ويردع أمثاله .
وسبب ذلك: أنه لا مصلحة له بذلك، وإنما هذا يكون عند الخصومات وعند المنازعات، وهكذا لو قذفه بمعصية دون الكفر؛ لو قال: هذا يأخذ الربا، وهذا يأخذ الرشوة ، وهذا يشرب الخمر، وهذا سكير؛ دائما يسكر، ويتعاطى المسكرات، أو يتعاطى المخدرات؛ قد يكون صادقا، وقد يكون كاذبا. فإذا طالب ذلك المقذوف؛ فإنه يعزر ذلك القاذف؛ سيما إذا عرف ذلك المقذوف بالبراءة، وبالسمعة الحسنة، وبعدم تهمته بمثل هذه المعاصي؛ المسكرات وما أشبهها.
أما إذا كان ذلك فعله ظاهرا؛ إذا قال: إنه لا يصلي مع الجماعة ورئيت علامات ذلك. أو قال: إنه يسمع الغناء، أو إنه ينظر في الأفلام الخليعة، والصور الفاتنة وما أشبهها، أو أدخل في بيته أجهزة استقبال القنوات الفضائية وما أشبهها، أو إنه يصاحب الأشرار والفساق؛ ويجالس الفسقة والخمارين وما أشبه ذلك، أو أنه يتساهل مع نسائه؛ فيبيح لهن أن يخرجن سافرات مثلا، أو يقرهن على السفور، وعلى مزاحمة الرجال، أو على المعاكسات؛ أو ما أشبه ذلك؛ المعاصي كثيرة فإذا قذفه بمثل هذه المعاصي؛ فعليه التعزير؛ إذا ظهر كذبه، وطالب ذلك المقذوف، طالب بإقامة الحد أو أخذ الحق منه.
كل ذلك حماية للأعراض، ولئلا يتمادى هؤلاء المتهوكون في التنقص للأخيار والاستهزاء بهم. وهكذا أيضا إذا عرف أنه كاذب؛ كالذين يعيبون أهل الخير بما هم أولى به؛ عادة أن الفسقة ونحوهم:
يعيبون أهل الدين من جهلهم بهـم
كما عابت الكفار من جاء من مضر
يقولـون رجعيون لمـا تمسـكوا
بنـص مـن الوحيين كان له الأثر
فالذين يتمسخرون بأهل الخير، يقولون: هذا متأخر، هذا رجعي؛ يعني: أنه ليس عنده فكر وليس عنده معرفة، يسمون الذين لا يماشونهم رجعيين، كذلك الذين يتتبعون العثرات، ويجعلون من الحبة قبة؛ وإذا سمعوا شكاية عن رجل صالح ألحقوا بها أمثالها؛ أنه يفعل كذا وأنه وأنه؛ يريدون بذلك عيبه.
كذلك أيضا الذين يعيبون أهل الحسبة؛ رجال الهيئات يعيبونهم ويتهمونهم، وقصدهم بذلك الحط من شأنهم؛ لأن رجال الحسبة غالبا يكون معهم شدة على أهل المعاصي، على أهل الدخان وعلى أهل المسكرات، وعلى أهل المعاكسات وما أشبه ذلك؛ يكون معهم شدة عليهم فهم يمقتونهم ويبغضونهم، ويحقدون عليهم، ويجعلون الحديث عنهم فاكهتهم في المجالس. فقد يصلون إلى ظلمهم وإلى تهمتهم؛ قد يتهمونهم في دينهم وهم كاذبون. قد يقولون: إن هذا منافق، أو أنه يأمر بالمعروف وينسى نفسه أو مداهن أو ما أشبه ذلك. فنقول: إذا ثبت عن أحد من هؤلاء مثل هذا ؛ فإنه يستحق العقوبة، فقد يكون ذنبه الذي يلحق هؤلاء الأخيار أكبر من ذنب القاذف، القاذف قد يكون صادقا أنه رأى بعينه بنظره، وأما هؤلاء فالغالب أنهم كاذبون فيستحقون التعزير.