عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
تابع لمعة الاعتقاد
52768 مشاهدة
قول عمر بن عبد العزيز في هذا الباب

...............................................................................


نقل -أيضا عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أحد الخلفاء الراشدين من بني أمية كلاما معناه: قف حيث وقف القوم. ينهى عن التكلف، وينهى عن التدخل في الأمور الغيبية بالظن. القوم: يريد به الصحابة، والتابعون لهم؛ فإنهم عن علم وقفوا -أي ما تكلفوا في تعلم الأمور الغيبية؛ بل توقفوا عند الحد الذي وصلت إليه أذهانهم، فإنهم عن علم وقفوا -أي ما وقفوا عن التأويل والتحريف؛ إلا لأجل علم، عندهم علم شرعي، وعلم نبوي حملهم على التوقف، وعدم التدخل في الأمور الغيبية؛ لمجرد الظن. وإنهم ببصر نافذ كفوا، رزقهم الله بصيرة نافذة -يعني بصيرة وعلما، فكفوا عن التدخل في الأمور الغيبية، وعن التدخل فيما لا أهمية له، وفي علم الكلام الذي لا يستفاد منه.
وهم على كشفها كانوا أقوى، يعني: يقدرون أن يكشفوا هذه الأمور التي تكلم بها هؤلاء المتأخرون بعدهم، يعني: مثل تكلم المتأخرين في الجواهر، في الجوهر، وفي العرض، وفي الأبعاض، والأعراض، وما أشبه ذلك، فإن هؤلاء تدخلوا فيما لا يهمهم، تدخلوا في علوم ليسوا مكلفين بها. السلف يقدرون على أن يتدخلوا فيها، فيقدرون على كشفها، هم على كشفها كانوا أقوى.
وبالفضل لو كان فيها أحرى: لو كان فيها فضل في الكلام في العرض وفي الجوهر وفي الجهة وفي الحيز وما أشبه ذلك؛ لو كان فيها فضل؛ لكانوا يبحثون فيها، فهم أحرص على الخير.
فإذا قلتم: حدثت هذه العلوم بعدهم، يعني: علم الجواهر، وما أشبهها حدثت بعدهم، فلم يتكلموا فيها.
فيقول: من الذي أحدثها؟ ما أحدثها إلا أناس خالفوا هديهم، يعني: هدي أولئك الصحابة والتابعين، ورغبوا عن سنتهم، وتدخلوا فيما لا يعنيهم.
ثم ذكر أن السلف رحمهم الله الصحابة والتابعين وصفوا منها ما يشفي، وتكلموا منها بما يكفي: وصفوا من هذه الأمور ما يشفي -يعني ما يكون شفاء لمن يريد الحق والصواب. وتكلموا منها بما يكفي، فنقتصر على كلام الصحابة والتابعين.
فذكر أن الذين فوقهم تحسروا، والذين دونهم قصروا: قصر قوم عنهم، وأعرضوا عن الرواية للصفات ونحوها، وقالوا: لا نتدخل فيها، ولا نرويها، فقصروا؛ وذلك لأنهم إذا توقفوا عن تعلم أسماء الله تعالى وصفاته؛ فإنهم يقصرون؛ بحيث أنهم لا يبقون معترفين لله تعالى بصفة، ولا يستحضرون عظمة الله، وهم يسبحون الله بقولهم: سبحان ربي العظيم. ولا يستحضرون علو الله بكل أنواعه، وهم يقولون: سبحان ربي الأعلى. فهؤلاء قصروا؛ حيث لم يتعرضوا، ولم يتكلموا في شيء مما يستحقه الرب تعالى من الصفات، وتجاوزهم آخرون فغلوا، وهم الذين تدخلوا في الأمور الغيبية، وأخذوا يبحثون عن كيفية النزول، وعن كيفية الاستواء، وما أشبه ذلك.
وإنهم فيما بين ذلك لعلى هدى مستقيم: فيما بين الذين قصروا، والذين غلوا، توسطوا في ذلك، وخير الأمور أوساطها، وأهل السنة وسط بين المشبهة وبين المعطلة.