(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. logo إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
shape
محاضرة في أحكام التصوير
7091 مشاهدة print word pdf
line-top
أثر الصور في حدوث الشرك

ودليل ذلك أن أول شرك حدث في جنس الإنسان ما فعله قوم نوح قبل أن يأتيهم نوح كان هناك قوم صالحون: ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر كانوا رجالا صالحين، ولما ماتوا أوحى الشيطان إلى أهليهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها صورا وسموها بأسمائهم، ففعلوا ولم تعبد.
فلما مات أولئك ونُسي العلم عُبدت، أوحى الشيطان إليهم أن يعكفوا على قبورهم؛ فعكفوا على القبور، ثم بعد مدة جاءهم وقال: صوروا صورهم من حجارة أو من خشب، وانصبوها على القبور، أو انصبوها في المجالس؛ فصوروا صورهم، وبقيت تلك الصور مدة، الذين نحتوها يعلمون أنها صور.
جاء الشيطان إلى مَن بعدهم، وقال: إن من قبلكم كانوا يعبدونهم، يدعونهم، فإذا دعوهم أغيثوا وأجيبت دعوتهم؛ فكان ذلك سببا في أنهم عبدوا تلك الأصنام، وسموها آلهة، وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا ثم إن العرب والمشركين توارثوا هذه الأصنام.
وكذلك أيضا في قوم إبراهيم كانوا ينحتون أصنامهم على صور رجال، ينحتونها من خشب، وينصبونها ويسمونها آلهتهم. ولما أن الله تعالى بصَّر إبراهيم ؛ بصره بما بصره به؛ عزم على أن يحطمها، فقال: وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ فلما خرجوا وتأخر عنهم وقال: إِنِّي سَقِيمٌ فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ -تلك الصور- وقد جعلوا عندها طعاما فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ يخاطب تلك الصور التي هي من خشب: مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ لماذا لا تتكلمون؟! فعند ذلك أخذ فأسا، وحطم تلك الصور إلا كبيرها فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ وعلق الفأس على ذلك الكبير.
فلما رجعوا -وإذا صورهم قد كسرت- قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ ؛ فذُكر لهم إبراهيم فأتوا به على أعين الناس ليشهدوا عليه. فلما قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا ؛ فأنكر ذلك من باب التوبيخ لهم، و قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ قولوا لهم: من الذي حطمكم؟! إذا كانوا ينطقون ويتكلمون. وكل ذلك من باب السخرية.
وهذا دليل على أن الأصل في عبادة الأصنام هو نحتهم لتلك الصور؛ سواء كانت من خشب ينحتونها على صور قوم صالحين، أو كانت من حجارة ينحتونها.
فهذه الحجارة التي هي حجارة قديمة؛ قيل: إنها على عهد بوذا الذي يدين بديانته هؤلاء البوذيون، الذين هم خلق كثير على هذه الديانة الباطلة، قيل: إنهم يقدرون بستمائة مليون يدينون بهذه الديانة، ويعظمون هذه الصور. فنقول: ما الفائدة من إبقاء هذه الصور الحجرية في بلاد يحكمها المسلمون؟! إذا كان الذين يعبدونها هم هؤلاء البوذيون، فما فائدة بقائها؟!
كذلك أيضا سمعنا أن بعض الدول التي تتسمى بالإسلام كالإيرانيين يقولون: اتركوها في ولايتنا، ونحن نعوضكم عنها أو ما أشبه ذلك، يريدون بذلك أن يجنوا من ورائها ما يجنون من الأموال، أو أنها أيضا معظمة عندهم، وهذا كله من تعاون المشركين بعضهم مع بعض الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يقول الله تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ .
فإذا عرفنا أن هذه الضجة إنما هي لأجل أمور شركية أو نحوها فلا يستغرب. لا يستغرب من المشركين أن يقوموا وأن يتناصروا، وأن يؤيد بعضهم بعضا، ولو كانوا يتسمون بأنهم مسلمون.

line-bottom