إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه logo إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
محاضرة فضل القرآن الكريم
16600 مشاهدة print word pdf
line-top
فضل تدارس القرآن الكريم وتعليمه وتلاوته

وهكذا أيضا يستحسن أن يكون هناك اجتماع من أهل مسجد أو أهل حي إما في مسجد وإما في بيت أحدهم. يجتمعون عشرة أو عشرون يحفظون القرآن، يعرض كل واحد منهم ما يحفظ من القرآن، أو يعرض قراءته على الآخرين حتى يصوبوا قراءته.
وكذلك -أيضا- يقرءون في شيء من تفسيره، ويبحثون عن بعض الآيات التي يشكل معناها؛ ليدخلوا في الحديث. تذكرون الحديث وتسمعونه، وهو قول النبي -صلى الله عليه وسلم- وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ما ذكر إلا أنهم يتلون كتاب الله تعالى يعني يقرءونه.
إذا اجتمعوا عشرة، قرأ أحدهم مثلا سورة وقرأ الآخر سورة، أو قرأ هذا جزءا وقرأ الثاني جزءا، أو قرأ هذا نصف جزء أو ربع جزء أو ثمن جزء، والآخرون يستمعون يستفيدون من سماعهم. وكذلك أيضا يصححون عليه خطأه، ويبينون له كيفية قراءة هذه الكلمة وما أشبه ذلك. لا شك أنهم بذلك يحصلون على هذا الأجر. ما أعظمه من أجر!
رأيت كثيرا في بعض القرى يفعلون ذلك. يجتمعون عليه ليلة في الأسبوع، أو ليلتين في الأسبوع. نجتمع هذه الليلة بالمسجد الفلاني، أو في بيتك يا فلان. يجتمع هؤلاء العشرة- الذين هم من جيران بعضهم، أو بعضهم بعيد من بعض- ثم يقرءون ما تيسر من القرآن. كل ليلة جزءا أو جزأين أو ثلاثة أجزاء؛ يحصل لهم هذا الأجر.
يقول في هذا الحديث: نزلت عليهم السكينة ينزل الله تعالى السكينة في قلوبهم التي يطمئنون بها، والتي أنزلها في قلوب أوليائه في قول الله تعالى: فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى فإذا نزلت عليهم السكينة في قلوبهم اطمأنوا في حياتهم؛ فما أعظمها من فائدة!!.
وكذلك حفتهم الملائكة ؛ أي تحفهم الملائكة بأجنحتها، وذلك دليل على أنهم يعملون عملا صالحا. وكذلك تنزل عليهم الرحمة، يرحمهم الله تعالى. ورحمة الله تعالى قد كتبها للذين يتقون في قوله تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ فهذا أيضا دليل على فضلهم... وكذلك يذكرهم الله تعالى في الملائكة، وتستغفر لهم الملائكة، فضل كبير بهذا الاجتماع.
كذلك أيضا نقول: إن مما يجب علينا أن نهتم بتعلم ما تيسر من القرآن. نتعلم ألفاظه، ونتعلم معانيه؛ كما ذكرنا أن الصحابة- رضي الله عنهم- يتعلمون ويعلمون. يذكر في الحديث الذي سمعتم، وهو قوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث عثمان خيركم من تعلم القرآن وعلمه ؛ أي من اهتم به وتعلمه ولأن حامل القرآن الذي يعمل به يكون له فضل، ويكون له شرف يتميز به على غيره؛ إذا كان عاملا به.

line-bottom