اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
محاضرة بعنوان من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين
11976 مشاهدة
الحث على طلب العلم

كذلك على الجاهل أن يسأل، وأن يتعلم، لأن كثيرا من الجهلة يدعون أو يعتقدون أنهم على علم، وأن ما هم عليه مما أخذوه عن الأسلاف وعن الأجداد أنه هو الصواب، وأنه هو الحق، ثم يبقون على ما هم عليه من ذلك الأمر الذي أخذوه عن الآباء والأجداد، وإذا رأوا من هو أصغر منهم ممن تعلم حديثا في شيء من المعلومات؛ من العلوم الدينية ولو كان صغيرا احتقروهم ولم يأخذوا عنهم، أو لم يسألوهم. الله تعالى قال: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ وأهل الذكر هم من كان عندهم علم بالقرآن الكريم، أو بالسنة النبوية، أو بالعلوم الشرعية.
فالعالم ولو كان صغيرا، ولو كان ولدك أو ابن أخيك، ولو كان أصغر منك بعشر سنين أو بعشرين أو بثلاثين؛ لا تحتقر أن تسأل ولا تستحي أن تستفصل؛ بل اسأل من كان أعلم منك عن أمر دينك، واستفصل فيه حتى تعبد الله على بصيرة، لأنك إذا بقيت على ذلك الجهل أو ذلك الشيء الذي تلقيته عن الآباء والأجداد كان ذلك من الوسائل إلى رد عباداتك وعدم قبولها، والله ليس يقبل العبادة إلا على الأمر الذي أراده، الله لا يقبل العبادة إلا إذا تمت شروطها وانتفت موانعها ولم يأت شيء يبطلها.
فهذه وصيتنا لك أيها العالم أن تعلم من تراه مخلا بشيء من العبادات، وأنت أيها الكبير أو أيها الجاهل نوصيك بأن تتعلم وأن تتفقه في دينك.
ورد في بعض الآثار: لا ينال العلم مستحي ولا متكبر. فالذي يستحيي أن يسأل من هو أصغر منه يبقى جاهلا، والذي يتكبر ويترفع ويقول: أنا رئيس، أو أنا شريف، كيف أسأل؟ وكيف أستفصل من هو صغير؟ أو من هو أقل مني رتبة؟ يبقى على جهله، وإذا بقي على جهله فإن عليه ملامة؛ إذا بقى على جهله فإنه بلا شك لا تقبل عباداته؛ سيما إذا كان متمكنا.