إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
لقاءات في دور القوات المسلحة والحرس الوطني
23424 مشاهدة
أعداء تحيط بالإنسان

وذلك أيضا أن الإنسان في هذه الحياة الدنيا قد سُلِّطَتْ عليه الأعداء فنفسه -النفس الأمارة بالسوء- تميل به غالبا إلى الكسل، وإلى الراحة، وتندفع إلى الشهوات، والتي قد تكون شهوات مُحَرَّمة، فهي من جملة أعدائه.
كذلك الهوى الذي قيل فيه: ما تحت أديم السماء إلهٌ يعبد شر من هوًى مُتَّبَعٍ ؛ لقول الله تعالى: أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وهو الذي لا يهوى شيئا إلا ركبه، غَيْرَ مُفَكِّرٍ في عاقبة ذلك الشيء، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به فمن اتبع هواه فقد ضل سواء السبيل، قال الله تعالى: فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى أي: لا أحد أَضَلَّ منه، كلما هوي شيئا اندفع نحوه، هذا أيضا من جملة الأعداء الذين سُلِّطُوا على الإنسان.
كذلك أيضا سُلِّطَتْ عليه الدنيا بملذاتها وشهواتها، وهي ما يتمثل أمامه من لذات الدنيا التي تَغُرُّه وتخدعه، وتميل به إلى ارتكاب ما حرم الله، وإلى ترك ما أمر الله تعالى به، وتتزين له لما فيها من الدوافع إلى المحرمات، لا شك أن هذا أيضا من جملة الأعداء.
كذلك من جملة من سُلِّطَ عليه في هذه الدنيا الشيطان الرجيم الذي التزم بأن يغوي الأمة، أو أن يغوي جنس بني آدم بقدر ما يستطيع.. ذكر الله عنه أنه قال: لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وغير ذلك من الآيات التي تدل على أنه التزم أن يُضِلَّ الناس بقدر ما يستطيع، سَلَّطَهُ الله على الإنسان، ولكن أمرنا الله تعالى بأن نستعيذ منه، فإذا استعاذ العبد منه بِرَبِّهِ، وكان صادقا، فإن ربه يُعِيذه، ويطرده؛ ولهذا قال الله: إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ وقال الله لنا: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ مُثِّل الغرور بأنه الشيطان، ولهذا قال بعدها: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ وأنزل الله في الاستعاذة منه سورة كاملة، هي آخر سورة في القرآن وفيها: مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ فهذه الأعداء الأربعة:
إبليس والدنيـا ونفسـي والهـوى
كـيف الخـلاص وكلهم أعـدائي؟!
فإذا أعان الله تعالى العبد، وجاهد هؤلاء الأعداء، فإن الله تعالى يُنَجِّيه، ويكون من عباده المخلصين الذين استثناهم في قوله: إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ يعني: يطيعونه وينقادون نحو ما يدعوهم إليه.