من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
كلمة حول القرآن
2616 مشاهدة
القرآن حجة لصاحبه أو عليه

فضيلة الشيخ نشكرك شكرا جزيلا، ونقول لكم قول النبي -صلى الله عليه وسلم- من فعل إليه معروفا فقال لأخيه: جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء فجزاكم الله خيرا على ما أتحفتمونا من قبول دعوتنا والالتقاء بطلاب تحفيظ القرآن الكريم أمل هذه البلدة بعد الله سبحانه وتعالى، يريدون منك - أولا يا فضيلة الشيخ - كلمة توجيهية ثم نتركهم معك في أسئلتهم التي حضروها لك.
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه. وبعد:
إنني فرح مسرور بما رأيت وبما سمعت؛ فإن اهتمام أولاد المسلمين بكتاب ربهم حفظا وفهما وتدبرا يبشر بخير؛ وذلك لأنه سبب في الهداية والاستقامة والثبات بإذن الله على الحق؛ حيث إن حفظة القرآن هم الذين يطبقونه ويعملون به، ويظهر عليهم أثر السكون والاطمئنان، والاعتقاد السليم، كما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بصيامه إذا الناس يفطرون، وبقيامه إذا الناس ينامون -يعني تهجده- وبصمته إذا الناس يخوضون .
أمثلة يريد بها أن حامل القرآن يتأثر بالقرآن فيعمل به، ويكثر من الأعمال الصالحة التي يدعو إليها ربنا –تعالى- في القرآن وفي السنة، ولا شك أن هذا مما يظهر أثره على حملة القرآن.
ثم جاء في الحديث الذي في صحيح مسلم قوله -صلى الله عليه وسلم- والقرآن حجة لك أو عليك يعني: أنه إما أن يشهد لك أو يشهد عليك؛ فإذا كنت ممن عمل به وتأثر به واتبع إرشاداته وأوامره؛ فإنه خير شاهد لك وخير وسيلة في النجاة، وإلا كان شاهدا عليك.
وفي الحديث الذي أورده ابن رجب في اللطائف أنه يجاء بحامل القرآن الذي قد عمل به فينتصب القرآن له خصما فيقول: يا رب، حملته إياي، فخير حامل عمل بحدودي واتبع أوامري وترك زواجري؛ فلا يزال يقذف له بالحجج حتى يقال: شأنك به فلا يدعه حتى يدخله الجنة أو يلبسه تاج الوقار. ويجاء بالرجل قد حمل القرآن ولم يعمل به؛ فينتصب له القرآن خصما فيقول: يا رب، حملته إياي فبئس حامل، ركب زواجري وترك أوامري وتعدى حدودي؛ فلا يزال يقذف له بالحجج حتى يقال: شأنك به، فلا يدعه حتى يكبه على وجهه في النار .
فهذا معنى: القرآن حجة لك أو عليك، وأنشد ابن رجب:
ويل لـمـن شفـعـاؤه خصمــاؤه
والصور في يـوم القيـامـة ينـفـخ
يعني: إذا كان خصمك هو شفيعك؛ فإنك لا تفلح؛ أنت ترجو شفاعته، ولكن ما أتيت بالسبب ألا وهو تطبيقه والعمل به؛ فإن هذا هو الثمرة، إذا وفقك الله –تعالى- وحفظته؛ فعليك أن تحرص على أن تعمل به حق العمل.