عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
فصول ومسائل تتعلق بالمساجد
14066 مشاهدة
الفصل الأول في فضل المساجد وشرفها

قد علم أن الكثير من العبادات تتعين في المساجد، أو يزيد أجرها ويضاعف العمل فيها فلذلك ورد ما يدل على فضلها مطلقا، فعن ابن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: خير البقاع المساجد، وشر البقاع الأسواق [رواه الحاكم وسكت عنه الذهبي ورواه الطبراني قال الهيثمي في مجمع الزوائد: فيه عطاء بن السائب وهو ثقة، ولكنه اختلط في آخر عمره، وبقية رجاله ثقات.] .
وعن أنس مرفوعا: خير البقاع بيوت الله .. الحديث [رواه الطبراني في الأوسط، وفيه عبيد بن القاسم وهو ضعيف] .
وعن واثلة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شر المجالس الأسواق والطرق، وخير المجالس المساجد، فإن لم تجلس في المسجد فالزم بيتك [رواه الطبراني وفيه: بكار بن تميم مجهول] .
وعن جبير بن مطعم أن رجلا قال: يا رسول الله، أي البلدان أحب إلى الله، وأي البلدان أبغض إلى الله؟ قال: لا أدري حتى أسأل جبريل -صلى الله عليه وسلم- فأتاه فأخبره جبريل أن أحب البقاع إلى الله المساجد، وأبغض البقاع إلى الله الأسواق [رواه البزار وفيه: عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب وهو مختلف في الاحتجاج به] .
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: المساجد بيوت الله في الأرض تضيء لأهل السماء كما تضيء نجوم السماء لأهل الأرض [رواه الطبراني في الكبير، قال الهيثمي ورجاله موثوقون) .
وقد دل على معناه ما ورد في القرآن من إضافة المساجد إلى الله تعالى، وهي إضافة تشريف وفضل، كقوله تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ مع أن جميع البقاع وما فيها ملك لله تعالى، ولكن المساجد لها ميزة وشرف، حيث تختص بالكثير من العبادات والطاعات والقربات، وكما قال تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا .
والصحيح أن المراد المساجد المعمورة للذكر والطاعة، والتي هي من خصائص البلاد الإسلامية، فلذلك تؤدى فيها الصلاة جماعة وفرادى، ويدعو فيها المسلم ربه وحده، ولا يدعو معه أحدا، فإضافتها إلى الله تعالى تقتضي شرفها وتميزها على بقية البقاع، وذلك ما يوجب احترامها، واعتراف المسلمين بفضلها، فهي من خصائص المسلمين.
حيث إن لكل ملة ديانة ومتعبد يجتمع فيه أهل تلك الديانة لأداء عباداتهم التي يدينون بها، مثل الصوامع والديارات، والكنائس والبيع، مع أنها في زمانها أفضل من غيرها، ولذلك قال تعالى: وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ويراد بالصلوات: مواضع العبادات، ولكن بعد نسخ تلك الديانات تعين منع عمارة تلك المعابد، لما فيها من مخالفة شعائر الإسلام، ووجب على المسلمين إظهار هذه المساجد وإشهارها، فأصبحت معالم على كل بلاد يسكنها المسلمون، حيث تتميز بهذه المساجد التي مدحها الله بقوله: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا فترفع مناراتها فوق المساكن والعمارات، وتعرف بمحاريبها الموجهة إلى القبلة الخاصة بالمسلمين.