شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
شرح كتاب الإيمان من مختصر صحيح مسلم
32843 مشاهدة
باب الإيمان بالله الاستقامة

قال رحمه الله: باب الإيمان بالله الاستقامة ..
عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ الله الثّقَفِيّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ قُلْ لِي فِي الإِسْلاَمِ قَوْلاً لاَ أَسْأَلُ عَنْهُ أَحدا بَعْدَكَ. -وَفِي حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ غَيْرَكَ- قَالَ: قُلْ آمَنْتُ بِالله ثم اسْتَقِمْ .


هذا من الأحاديث الجامعة وتفسير لقول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ فهذا الصحابي طلب فائدة مختصرة يكون معناها كبيرا، ( قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك ) لا أحتاج إلى زيادة فوائد، فقال: قل: آمنت بالله ثم استقم أي انطق بهذه الكلمة (آمنت بالله) ولا شك أن من آمن بالله فإنه ولا بد سوف يحقق معنى الإيمان، إذا آمن بالله آمن بربوبيته وآمن بألوهيته، وآمن بأسمائه وصفاته، وآمن بأمره ونهيه، وآمن بقضائه وقدره، وآمن بدينه وشرعه، وآمن بثوابه وعقابه، وبوعده ووعيده.
ولا شك أن من آمن بذلك فإنه سيعمل الطاعات، وسيترك المحرمات، وسيتقرب إلى الله بجميع أنواع القربات، وسيطيع الله تعالى طاعة كاملة، ويبتعد عما حرم الله تعالى عليه؛ فيكون لهذه الكلمة ثمرتها.
ولا شك أن الاستقامة هي الاستمرار على العمل وعدم الانقطاع، أي أمره بأن يطيع الله وبأن يستمر على طاعته، ولا يكون عمله موقتا، الذين يعملون عملا ثم ينقطعون لم يكونوا من المستقيمين، الله تعالى أمر بالاستقامة، قال تعالى: فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ الاستقامة استمرار على العمل ولزومه والدوام عليه وعدم الانقطاع عنه في وقت من الأوقات، ولو تغيرت الأحوال، ولو حصل شيء من المضايقات أو ما أشبهها يكون مستمرا على العمل، هذا ثمرة الاستقامة.
أسئـلة
س: أحسن الله إليكم، وبارك الله فيكم وفي علمكم، ونفع بكم..
سائل يسأل يقول: يستدل القائلون بعدم كفر تارك الصلاة بأحاديث الأبواب المتقدمة في الشهادة. فكيف نرد عليهم؟ وجزاكم الله خيرا.
قد تقدم أن أبا بكر قاتل مانعي الزكاة، وقال: إن الزكاة حق المال. وأن العلماء استدلوا بقوله في الشهادة: إلا بحقها. والصلاة من أعظم حقها، وأن العبادات من مقضيات لا إله إلا الله، فإن لا إله إلا الله قيدت بالقيود الثقال، وذكر لها شروط.
شروط لا إله إلا الله سبعة أو ثمانية نظمها بعض العلماء أئمة الدعوة بقوله:
علـم يقين وإخـلاص وصدقك مـع
محبـة وانقيــاد والقبــول لهـا
فلا بد من هذه الشروط السبعة، وزاد بعضهم ثامنا أخذه من قوله صلى الله عليه وسلم من قال: لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله فقال:
وزيـد ثامنهـا الكفران منـك بمـا
ســوى الإله مـن الأنداد قد أُلِهـا
لا شك أن من علم معنى لا إله إلا الله؛ علم أنها تستدعي العمل، وأن أداء الصلوات من جملة العمل بمعناها، فالذي لا يعمل بمعناها لا تنفعه، الذي لا يصلي لا يكون قد عبد الله، يعني لا إله إلا الله معناها لا معبود بحق إلا الله؛ أي اعبدوا الله عبادة بحق، واتركوا عبادة ما سواه، وهل تكون عبادة بغير فعل الصلاة؟ لا تسمى عبادة.
س: يقول: هل طلب الصحابي من النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي في بيته هو من التبرك؟ وهل يجوز التبرك بالمواضع التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم؟
نعم يعني أرى بأن يختار له مكانا يصلي فيه إذا عجز عن الوصول إلى مسجد قومه لبعد أو لضرر أو نحو ذلك، ولا شك أن التبرك من خصائص ما مسه النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يقاس عليه غيره من المخلوقين.
س: يقول: ما حكم .. غسل الكفن بماء زمزم بقصد التبرك، ويسمون ذلك الفعل الزمزمة؟
ماء زمزم ورد أنه فيه شفاء، وسماه طعام طعم وشفاء سقم وفي حديث آخر: ماء زمزم لما شرب له فإذا شربه كعلاج أو كدواء نفعه ذلك بإذن الله، وهذا لا بأس أن يتبرك بشربه وبالاستشفاء به.
س: يقول: ما حكم الذين يجلسون عند بضائعهم خارج المسجد ويصلون عندها؟
لا صلاة لهم، إذا كان بينهم وبين المصلين فراغ فربما يصلون فرادى، ولا يجوز أن يصلي المصلي وهو يرى أن بينه وبين المصلين فرجة وسعة تتسع له، عليهم أن يدخلوا بضائعهم في داخل متاجرهم ودكاكينهم أو في داخل سياراتهم، ويأتوا إلى المسجد ويصلوا مع الجماعة.
س: بعض الناس يذبحون في الأعياد ذبائح ويهبونها للموتى، ما حكم هذا الفعل؟
لا شك أن الذبح يكون عبادة إذا أراد به القربة من الله، كأن يذبح أضحية مثلا أو هديا أو شاة يتصدق بلحمها على المساكين فهذه تعتبر قربة، وتارة يكون مباحا كأن يذبح ذبيحة يأكلها هو وأهله، أو يطعمها ضيفه، فيكون هذا من المباحات لا ثواب فيه ولا عقاب، وتارة تكون محرمة كأن يذبحها تقربا إلى قبر أو إلى ميت أو نحو ذلك، أو إلى شيطان أو إلى ساحر أو بأمر ساحر أو ما أشبه ذلك فيكون هذا شركا.
وكذلك إذا ذبحها وذكر عليها اسم شيطان أو اسم جن، أو ذبحها باسم المسيح أو باسم العزير يعني باسم غير الله فإنها مما أهل به لغير الله، وهكذا أيضا ما يذبح بمناسبات المبتدعة كمناسبة عيد أن يذبح لعيد ميلاده أو ما أشبه ذلك فإن هذا من البدع ينهى عن أكلها. والله أعلم، وصلى الله على محمد .