تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
شرح أصول السنة لإمام أهل السنة أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله تعالى 164-241 هـ
36982 مشاهدة
مقدمة المحقق

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد:
فهذه رسالة في أصول السُّنّة لإمام أهل السُّنّة أحمد بن حنبل -رحمه الله- وهي بحق أصول وقواعد لأهل السُّنّة.
وقد قام بشرحها فضيلة شيخنا العلامة عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين حفظه الله ورعاه؛ لأهميتها وحاجة طلاب العلم وعامة الناس إليها.
وقد تشرفت بطبع هذا الشرح دار الصميعي وفَّقها الله؛ وحيث إنه لم يُعتنَ بتخريج الآيات والأحاديث وضبط المتن على مخطوطات ونحو ذلك، فقد عزمتُ على الاعتناء بها وخدمتها عَلَّ الله أن ينفع بها، والله الموفق.

وكان عملي في الكتاب على النحو التالي:
1- اعتمدتُ في المتن على النسخة التي قام بتحقيقها الأخ المفضال الوليد بن محمد نبيه بن سيف النصر والتي قدم لها الشيخ محمد عيد عباسي .
2- اعتمدت في الشرح على النسخة التي نشرتها دار الصميعي، وقد طلبت من الشيخ الشارح أن يشرح بعض الجمل التي لم تشرح في النسخة المطبوعة.
3- عزوتُ الآيات إلى مواضعها في القرآن الكريم، كما خرَّجت الأحاديث من مصادرها قدر الإمكان.
4- قدمت للكتاب بترجمة مختصرة للإمام أحمد بن حنبل وقد اختصرتها من رسالة بعنوان (إمام الصابرين أحمد بن حنبل ) للشيخ عبد العزيز المسند ؛ ورسالة بعنوان: (نماذج من الدعاة الصالحين) للشيخ أبي بكر الجزائري .
5- صنعتُ مجموعة من الفهارس تخدم الكتاب، كفهرس للمراجع، وفهرس للآيات، وفهرس للأحاديث، وفهرس تفصيلي للموضوعات.
6- بعد الانتهاء من العمل في هذا الكتاب، قمتُ بعرضه على فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين (الشارح)، فقام وفَّقه الله بمراجعته وتصحيحه والتقديم له، وقد شرح الشيخ بعض الجمل التي لم تشرح في الطبعة السابقة.
هذا، وأسأل الله -تعالى- أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن يكتبه في موازين حسناتنا إنه جواد كريم، وأن يجزي شيخنا خير الجزاء على ما قدَّم ويقدم، وأن ينفع بعلمه إنه سميع مجيب، وصلَّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم.