إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. logo تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
shape
شرح أصول السنة لإمام أهل السنة أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله تعالى 164-241 هـ
68809 مشاهدة print word pdf
line-top
الرجم لمن زنا

44- والرجم حق على من زنا وقد أُحصن إذا اعترف أو قامت عليه بينة .
45- وقد رجم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد رجمت الأئمة الراشدون .



يعني رجم الزاني المحصن الذي قد تزوج، ثم زنا بعدما تزوج زواجًا شرعيًّا ودخل بامرأته، رجمه ثابت في السُّنّة، متواترة به الأحاديث، فمن أنكره فقد أنكر سُنة معلومة ظاهرة.
وقد أنكرت ذلك الخوارج الذين يقولون إنهم لا يعملون إلا بما في القرآن، وقالوا: ليس في القرآن رجم، وقد بيَّن عمر -رضي الله عنه- أن من جملة ما نزل آية الرجم، يقول: فكتبناها وقرأناها على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم كانت مما نسخ لفظه وبقي معناه.
فنعتقد أن رجم المحصن من السُّنّة، بأن يرجم حتى يموت، إذا قامت عليه البينة، أو اعترف بالزنا أربع مرات، وبقي على اعترافه إلى أن يقام عليه الحد.
مسألة: قد يقول قائل: لماذا جاء الإمام أحمد بالرجم وقتال اللصوص، في رسالة تتكلم عن العقيدة، ولم يتكلم عن الأسماء والصفات مثلا؟ فنقول:
اكتفى في أولها بالتمسك بالكتاب والسُّنّة، فإن ذلك عام يدخل فيه الإيمان بالأسماء والصفات وما أشبهها، وكأنه وضع هذه الرسالة فيما يظهر للأمور الظاهرة، التي هي أقرب إلى أنها من الأعمال، فجاء فيها بما يدخل في هذه الأمور، وألحق بها هذه الأشياء، ولو كانت من الفروع؛ لكون الخلاف فيها مع هؤلاء الذين ابتلي بهم الناس في زمانه وبعد زمانه؛ ولأجل ذلك اهتم بهذه الأمور الواقعية، والغالب أن من كتب رسالة يهتم بالذي يكثر فيه الخلاف مع أهل زمانه.

line-bottom