من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
خطبة الجمعة بعنوان ذكر الله
7131 مشاهدة
شكر النعمة يزيدها وإنكارها يسلبها

واعلموا -رحمكم الله- أن ربنا سبحانه أسبغ علينا نعمه، وأمرنا بأن نكون من الشاكرين، وأخبر بأن من شكره فإنه يزيده؛ يقول الله تعالى: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ فإذا شكرتم نعم الله تعالى فاعترفوا بها، اعترفوا بأنها من الله؛ ليس بحولنا ولا قولنا، ولا قوة لنا في إقرارها ولا في بقائها؛ بل هي من الله تعالى، واعترفوا بأنها لا تدل على كرامتنا، ولكنها ابتلاء وامتحان؛ ليظهر من يقر بها ومن يعمل بها، ويظهر من ينكرها ويجحدها ويكفرها.
فمن شكر فإنه يزيده الله تعالى من فضله، ويعطيه، ويسبغ عليه فضله، وأما من كفرها وجحدها فإنه حري أن يسلبها أحوج ما يكون إليها؛ ولذلك حكى الله تعالى عن نبيه سليمان -عليه السلام- لما تمت عليه النعمة؛ قال الله تعالى: فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ؛ يعني: أن الله تعالى إذا أعطاك نعمه فإن ذلك ليس لكرامتك، ولكنه ابتلاء، وامتحان، فإذا اعترفت بأن هذا فضل الله وأنه نعمته وحده، وأنه المتفضل عليك؛ حيث أعطاك ما لم يكن في حسبانك، ولم يكن في قدرتك؛ فاشكره على ذلك، واعترف بأنه محض فضله، وأنه أيضا ابتلاء وامتحان، فإذا شكرت الله فأبشر بأن هذه الخيرات يزيدها ربنا، ويكثرها، ويسبغها، ويديمها، ويزيد للشاكرين من فضله، وكذلك أيضا يثيبهم ويجزل أجرهم، ويوفقهم للأعمال الصالحة.