اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
خطبة الجمعة أجوبة الأسئلة
3632 مشاهدة
خطبة الجمعة أجوبة الأسئلة

.. حَقَّ تُقَاتِهِ ؛ أن يطاع فلا يعصى، وأن يذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر، واعلموا أن من تقوى الله تعالى ما أمر به عباده من الأخوة في الدين، ومن النصيحة ومن الإخلاص في المودة والمحبة، وإن من آثار ذلك الدلالة على الخير والتحذير من الشر، والبعد عن أسباب الأخطار ، والنصيحة التامة لكل مؤمن مسلم، ومحبة الخير للإخوة المسلمين، وتحذيرهم من الشرور ومن الآفات.
ولا شك أن هذا متى حصل فإن الأخوة تثبت في قلوب المؤمنين، وتزداد القلوب مودة ومحبة من بعضهم لبعض؛ ولذلك سماهم الله تعالى إخوة في دينه، فقال تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ هكذا أخبر بأنهم إخوة؛ يعني في دين الله سبحانه، وهكذا أيضا ذكرهم بنعمته عليهم في قول الله تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ .
ولا شك أن الاعتصام بحبل الله هو التمسك بالسنة النبوية التي حث عليها نبينا صلى الله عليه وسلم ورغب فيها في قوله صلى الله عليه وسلم: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد؛ فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة .
قد يتمسك المؤمن بهذه السنة النبوية، وإن منها أن يحب لإخوته المسلمين ما يحبه لنفسه، كما أخبر بذلك نبي الله صلى الله عليه وسلم بقوله: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ؛ يحب لأخيه الخير، يحب لأخيه النجاة والفلاح، يحب لأخيه السعادة الدائمة في الدنيا والآخرة؛ فينتج من ذلك أن ينصح لإخوانه.
وقد بايع النبي صلى الله عليه وسلم جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه وذلك على: الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم هكذا أمره بأن ينصح لكل مسلم؛ أي يبين لهم الخير ويحثهم عليه، ويحذرهم عن الشر ويحذرهم عن أسبابه؛ وبذلك يكون ناصحا لهم.
وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم النصيحة هي الدين في قوله: الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم .
وتتمثل هذه النصيحة في أشياء من الدين، فأولها: الوعظ والتذكير الذي أمر الله به في قوله تعالى: فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ هكذا أمر نبيه بالتذكير، وهو أمر لكل مؤمن.
وفي قوله تعالى: فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ أمره بأن يذكر الناس، وكذلك أخبر بالذين يتذكرون، ويقبلون الذكرى في قوله تعالى: فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى هكذا أخبر بأن الذين يتذكرون ويقبلون الموعظة هم أهل التقوى الذين يتقبلون النصيحة ويتأثرون بها: سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى هؤلاء هم أهل الخشية وهم أهل التقى وهم المؤمنون الذين ذكرهم الله بقوله: وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ أي: المؤمنين الصادقين.
كذلك أمر أيضا بالوعظ والإرشاد والنصيحة والتخويف والتحذير ، وذلك يتمثل في الدعوة إلى الله في قول الله تعالى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ فالدعوة إلى الخير هي الدعوة إلى الإسلام، الدعوة إلى الدين الحنيف، الدعوة إلى الطهارة طهارة القلوب وطهارة الأبدان، الدعوة إلى محبة المسلمين بعضهم لبعض، الدعوة إلى تحقيق الإسلام بفعل ما أمر الله وترك ما نهى عنه، فكل ذلك دعوة إلى الخير.
كذلك أمر بالموعظة في قوله تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فأمر في هذه الآية بثلاثة أشياء كلها من الدعوة إلى سبيل الله: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ أي: بكلام لطيف، بكلام لين؛ ليكون ذلك سببا للتأثر وسببا للقبول.
فالحكيم هو الذي يستعمل الأسلوب الحسن فلا يكون منفرا ولا يكون مؤيسا، كما أوصى بذلك النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث بعض صحابته للدعوة إلى الإسلام، فقال صلى الله عليه وسلم: بشرا ولا تنفرا، يسرا ولا تعسرا، تطاوعا ولا تختلفا هذا من الأساليب التي ربى عليها صلى الله عليه وسلم صحابته الذين ساروا على نهجه.
يسرا أي: اسلكا سبيل اليسر ولا تعسرا على المسلمين، بشروهم بالخير ولا تنفروهم من الإسلام، ولا تنفروهم بالصعوبات التي تكلفوهم بها ما لا يطيقون، فكل ذلك من اليسر وكل ذلك من الحكمة التي أمر الله تعالى بها، والتي بعث بها نبيه صلى الله عليه وسلم؛ والتي أخبر بأنه يؤتيها من يشاء من عباده: يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا .
فالحكمة: الكلام اللين الذي وصف الله تعالى به نبيه -صلى الله عليه وسلم- في قوله تعالى: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ أخبر بأنه كان صلى الله عليه وسلم لين الكلام لين القول لين الفعل، لا ينفر صحابته، ولا يشرع لهم شيئا فيه صعوبة، كما وصفه الله تعالى بذلك فقال تعالى: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ .
عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ أي: شاق عليه الشيء الذي يشق عليكم والذي يعنتكم ويكلفكم، فهو صلى الله عليه وسلم حريص على أن تكون أمته تتمتع بالسهولة وباليسر، وكل ذلك من الحكمة التي أوتيها صلى الله عليه وسلم ، والتي تتلى في بيته، كما قال تعالى: وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ .
وهكذا أمر بالموعظة الحسنة التي هي: تذكير الإنسان، تذكيره بربه وبنعم الله عليه، وبحسن ما أعطاه وخوله، وتذكيره بالهداية أن الله هداه وأقبل بقلبه، وتذكيره بالمآل وبنهاية هذه الحياة الدنيا؛ حيث يتذكر أنه راحل من هذه الدنيا وأنه وافد على ربه، تذكير العباد بأنهم محشورون ومبعوثون ليوم القيامة حفاة عراة غرلا، وتذكيرهم بأن مآلهم إما إلى الجنة وإما إلى النار، وتذكيرهم بأعمال الخير حتى يكونوا من السعداء، وتحذيرهم من الشر حتى يكونوا من أهل الخير، ويبتعدوا عن الشرور وعن المنكرات وأهلها.
وهكذا أيضا أمر بالمجادلة بالتي هي أحسن، عندما يكون الإنسان عنده شيء من الشبهات أو من التشكيكات التي ينشرها أعداء الإسلام، فيجادله المؤمن بالتي هي أحسن، ويناقشه بما في قلبه من العادات السيئة ومن المنكرات، ومن الشبهات التي قد ترتكز في الذهن والقلب ويصعب تخليصها إلا إذا جادله بالتي هي أحسن، وقد قال الله تعالى: وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ .
فهذه المجادلة بالتي هي أحسن مناقشة عندما يكون عنده شيء من الشبهات، أو شيء من العادات السيئة؛ حتى يقلع عنها إذا اتضح له الحق؛ وذلك لأن المؤمن قصده الحق أينما كان، يقبل الحق ممن جاء به ولو كان عدوه، ويرد الباطل على من جاء به ولو كان صديقه، هكذا تكون الدعوة إلى الله تعالى.