إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
خطبة الجمعة بعنوان التمسك بالكتاب والسنة
9799 مشاهدة
بيان أهمية السنة النبوية وضرورة التمسك بها

وأخبر الله تعالى أن السنة تبين القرآن، وأخبر أيضا بأنها من الله تعالى، وأن كلام هذا النبي -صلى الله عليه وسلم- يعتبر وحيا من الله؛ ولذلك قال تعالى: مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى صاحبكم يعني نبينا -صلى الله عليه وسلم- أخبر تعالى بأنه ما ضل عن الصراط السوي، وأنه لم يكن من الغاوين، بل إنه من الراشدين المهتدين، وأنه لا ينطق عن الهوى، وإنما يتكلم بما أوحى الله إليه إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى وإذا كان كذلك فإن علينا أن نتمسك بسنته، وأن نسير عليها ولو خالفنا من خالفنا.
وقد أوصى -صلى الله عليه وسلم- صحابته؛ ففي الحديث الصحيح عن العرباض بن سارية -رضي الله عنه- قال: وعظنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله كأنها موعظة مودع؛ فأوصنا –أو بماذا تعهد إلينا-. فقال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا؛ فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة .
هكذا وكأنهم فهموا من تلك الموعظة أنه سوف يودعهم ويفارقهم، وقد يكون ذلك في آخر حياته، إن أوعظهم بتلك الموعظة، فعند ذلك عهد إليهم وأوصاهم بما أوصاهم به أن يتمسكوا بسنته، وسنة خلفائه الراشدين الذين هم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي -رضي الله عنهم- فإنهم الذين قاموا بالأمر بعده، والذين هداهم الله وهدى بهم، وفتح بهم البلاد، وانتشر بواسطة دعوتهم الإسلام، ونقلوا لنا -هم وبقية الصحابة- كلام ربنا، ونقلوا لنا أفعال نبينا -صلى الله عليه وسلم- وكذلك بقية سنته، وكل ذلك من فضل الله تعالى علينا.
فما علينا إلا أن نتمسك بهذه السنة النبوية، والتي تركنا عليها -صلى الله عليه وسلم- وأخبر بأن من سار عليها نجا، ومن تركها فقد هلك وتعرض للهلاك. وضرب لأمته مثلا، فخط لهم خطا مستقيما وخط عن يمينه وعن شماله خطوطا منحرفة، وقال: هذا صراط الله -يعني هذا الطريق المستقيم وهذا الخط المستقيم- هو صراط الله، وهو سبيله الذي فرضه على عباده، والذي أمرهم بأن يسألوه في قولهم في صلاتهم: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ .
وهذه السبل وهذه الطرق التي عن يمينه وعن شماله هي البدع، وهي المحدثات التي من سار معها فإنه في طريقه إلى الهلاك، وقرأ قول الله تعالى: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ هكذا حذر أمته عن سلوك تلك الطرق الملتوية، التي من سار عليها تردى ووصل إلى الهلاك، -والعياذ بالله-.
وأما من سار على الصراط السوي الذي لا انحراف فيه ولا اعوجاج؛ فإن الله تعالى ينجيه من هذه الغواية ويسلك به طريق الهداية، فيتمسك المسلمون بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- ولو كثر المخالفون، ولو كثر المبتدعون، ولو كثرت النحل وتفرقت الفرق.. فصار لكل فرقة طريق تتخذها، وقد أخبر النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- بأن أمته سوف تتفرق بقوله -عليه السلام- افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وفسر تلك الواحدة بقوله: هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي .
وهذه الفرق وهذه النحل الثنتان والسبعون هي فرق الضلال، هم الفئة الخارجون عن الصراط المستقيم، وهم أهل البدع وهم أهل المحدثات، وقد أدرك بعضَهم بعضُ الصحابة، وفشوا وانتشروا في عهد التابعين، وعظموا وعظمت الفتنة بهم في هذه القرون الثلاثة المفضلة، فحدثت الفتن وانتشرت وتمكنت، وهي التي حذر عنها -صلى الله عليه وسلم- أمرنا بأن نتمسك بالسنة، والسنة واضحة جلية –والحمد لله- نتمسك بها بأيدينا، وإذا خشينا أنها تتفلت منا عضضنا عليها بأسناننا بأقصى الأسنان التي هي النواجذ عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور أي ابتعدوا عن المحدثات وعن البدع والضلالات فإن كل بدعة ضلالة كل محدثة بدعة كل ما أحدث في دين الله تعالى فإنه من البدع، التي هي مردودة على أصحابها.
وكذا قال -صلى الله عليه وسلم- من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد أي مردود على أهله ومردود على من جاء به، فلذلك من كان متمسكا بسنة نبيه -بلا شك- سائر على طريق النجاة ... يا عبد الله بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- فسر عليها ولو خالفك من خالفك، ولا تغتروا بكثرة الهالكين ولا بكثرة المنحرفين.
إذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أخبر بأن الذين على سبيل النجاة واحدة -فرقة واحدة- وهم الذين أخبر بأنهم ناجون، فكيف ينخدع المسلم بالكثير والكثير الذين خالفوا هذه السنة وساروا على طريق منحرفة ملتوية.
فعلى المسلم أن يقصد وجه الله، ويعمل برضاه، ويسير على النهج القويم، ودليله سنة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- التي هي سبيل النجاة، التي هي الوسيلة لمن أراد النجاة، وأراد الاتباع، وأراد أن يحشر في زمرة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- فأما ما يضاف إلى هذه السنة من البدع ومن المحدثات فإن ذلك لا شك أنه ضلال وأنه انحراف.
فعلى المسلم أن يقصد وجه الله، وأن يتمسك بسنته التي كان -صلى الله عليه وسلم- يوصي عباده بأن يسيروا عليها فهو في كل خطبة غالبا يقول لهم: إن أفضل الكلام كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة فيبين لهم أن .. وأن النجاة تكون باتباع كلام الله تعالى، وباتباع سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-.