إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
تفسير سورة الحجرات من تفسير ابن كثير
13452 مشاهدة
التفسير بالمأثور وتفسير ابن كثير

من أحسن التفاسير تفسير ابن كثير رحمه الله؛ كان شافعي المذهب، ولكنه في العقيدة تأثر بابن تيمية ؛ وابن تيمية حنبلي المذهب؛ فلما تأثر به سلك مسلكه في باب الأسماء والصفات؛ قرأ عليه وقرأ كتبه، ويسمى حنبلي الشافعية؛ أنه شافعي ولكن كان يميل إلى الحنابلة؛ ولذلك اشتغل بمسند الإمام أحمد .
تجدون في تفسيره يذكر سياق الأحاديث عن مسند أحمد إذا جاء .. الأحاديث قال: الإمام أحمد حدثنا؛ ذكره باسم الإمام، ثم ينقل الأحاديث إن كانت في الصحيحين ينقلها بإسناد الإمام أحمد ولعله لأن الإمام أحمد شيخ البخاري ومسلم ولأن إسناده أقرب من إسناد البخاري فالبخاري يكون إسناده مثلا خمسة رجال أو ستة، ينقص الإمام أحمد برجل، كذلك أيضا لما كتب التاريخ كان يترجم للحنابلة، وأطال في ترجمة الإمام أحمد في تأريخه بما لم يبطل في غيره؛ مما يدل على مودته له.
يمر بنا في هذا التفسير أحاديث كثيرة؛ يستشهد بها؛ مما يدل أيضا على أنه رحمه الله كان متوغلا في حفظ الحديث، وكذلك في روايته ومحبته، يحب الأحاديث وينقلها بأسانيدها؛ مما يدل على سعة اطلاعه.
قد يلاحظ الذي يقرأ في تفسيره أنه كان يطيل في أول التفسير؛ يعني في سورة البقرة وآل عمران والنساء والمائدة كان يطيل في الآيات، وأنه في الأخير لم يعد يطيل، وقد وعد في أماكن بذكر بعض الأحاديث، واختصرها؛ لما أتى على.. أظنه تفسير قوله تعالى: لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ قال: وسنذكر الأحاديث التي تدل على إثبات الرؤية عند قوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ولما جاء عند هذه الآية لم يذكرها؛ اعتذر بأنها قد تكررت.
صحيح أنه ذكرها في مواضع لمناسبات؛ فاختصر ذكرها، وقد ذكرها غيره من المحققين والعلماء الذين كتبوا فى ذلك رحمهم الله كابن القيم والحاصل أن تفسيره تفسير منقح منقى سالم من التأويلات، ومن أقوال المعتزلة والمبتدعة، سالم من التكلفات. قد ينقصه كثرة الاستنباط؛ أعني: الاستنباطات التي يذكرها بعض المفسرين؛ كأنه يرى عدم الحاجة إليها، وكذلك أيضا وجوه الدلالات، وكذلك إعجاز الآيات لا يشتغل بها غالبا؛ يذكر أحيانا الحكم التي لأجلها تتكرر بعض القصص وبعض الآيات، ولا يذكر ذلك دائما؛ فنحب أن نقرأ هذه السورة؛ ونقرأ منها ما تيسر، ونبين خلاصة ما يذكره ابن كثير رحمه الله.