يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
اللقاء المفتوح
6366 مشاهدة
التوبة إلى الله تعالى

كذلك أيضا من الأعمال الصالحة في هذه الأيام، التي يرجى مضاعفتها: التوبة إلى الله تعالى، التوبة من السيئات، والإقلاع عن الخطايا والْمُحَرَّمات؛ وذلك لأنها في هذه الأيام يكون الذنب فيها أعظم؛ الذي يُذْنِبُ في هذه الأيام ذنبه أكبر؛ أكبر مما لو كان في غيرها؛ وذلك لأنه تَهَاوَنَ بمحارم الله، وتهاون بالأيام الفاضلة، وبَدَل ما يجعلها في الطاعات جعلها في المحرمات؛ جعلها في المعاصي والمخالفات؛ فكان ذلك سببا في أنها تعظم العقوبة عليها؛ فلأجل ذلك نتواصى بالتوبة؛ التوبة من كل السيئات. كل مَنْ كان يعمل عملا سيئا؛ فإن عليه أن يُقْلِعَ عنه، وأن يتوب. فمن كان يتكاسل عن صلاة الجماعة عليه أن يتوب؛ عليك أن تتوب وأن تحافظ عليها، وأن تُعَاهِدَ ربك على ألا تتخلف عنها في بقية حياتك؛ فالتوبة معناها التزام الطاعة، والاستمرار عليها، وعدم التفريط، وعدم التلاهي، وعدم الإهمال؛ هذا هو حقيقة التوبة.
كذلك أيضا الذي يُفَرِّطُ في عمره؛ عليه أن يتوب، إذا كان مثلا يُضَيِّعُ أوقاته في القيل والقال، وفي اللهو واللعب؛ فإنَّ عليه أن يتوب توبةً صادقةً حتى يَقْبَلَ اللَّهُ تعالى منه، وحتى يضاعف له حسناته.
وهكذا أيضا بقية المعاصي يتوب منها توبة صادقة؛ فإن كان يشرب الدخان عليه أن يتوب، ويُقْلِعَ عنه؛ وذلك لأنه ذنب كبير الإصرار عليه؛ لأنه مُضِرٌّ بالصحة، ومُضِرٌّ ومتعب بالبدن وبالمال.
كذلك أيضا الذي يتعاطى المخدرات؛ هي أيضا من المصائب، ومن البلايا التي ابتليت بها هذه الأمة، والتي هي من كَيْدِ العدو؛ أعداء المسلمين أرسلوا إليهم هذه الأسلحة الفتاكة التي تقضي على معنوياتهم؛ فيتوب المسلم الذي يتعاطاها، ويحفظ بدنه، ويحفظ عقله، ويحفظ ماله، ويترك ما حَرَّمَ الله عليه.
وهكذا أيضا الذي يتعاطى شيئا من المحرمات؛ كالمسكرات؛ الخمور وما أشبهها، وكذلك الأفيون، والقات، وما أشبهها؛ كل هذه من المحرمات، بل من المهلكات التي تقضي على المعنويات؛ إذا تاب منها العبد قَبِلَ الله تعالى توبته، وغفر له.
كذلك أيضا يتوب من المعاملات المحرمة، المعاملات المحرمة؛ أخذ رشوة على أمر من الأمور. إذا كان الإنسان في عمل، فلا يأخذ الرشوة: لعن الله الراشي والمرتشي كذلك المعاملات الربوية: لعن الله آكل الربا وموكله كذلك أيضا: النكاح الْمُحَرَّم؛ يعني: النكاح المحرم مثل الزنا- والعياذ بالله- ومقدماته وما أشبهه؛ كفاحشة اللواط، وكذلك أيضا من المحرمات في هذا النظر إلى العورات؛ النظر إلى النساء المتبرجات، وكذلك تبرج النساء، ونظرهن إلى الرجال نَظَرَ فتنةٍ؛ فإن هذا أيضا من المحرمات، وقد أمر الله تعالى بغض البصر في قوله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ يغضوا من أبصارهم وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وذلك لأن إطلاق النظر في العورات سبب في الفتنة، وسبب في الوقوع في المحرمات؛ فعلى الإنسان أن يتوب من هذا النظر المحرم، وكذلك يتوب من تعاطي الأنكحة المحرمة، وهي كثيرة؛ كنكاح المتعة؛ أن يتزوجها إلى أجل، وكذلك نكاح الشغار؛ أن يتزوج بقول..: زَوِّجْنِي وأُزَوِّجُكَ؛ لا أُزَوِّجُكَ حتى تُزَوِّجَنِي! هذا الشغار، وكذلك نكاح التحليل، وهو أن يتزوجها حتى يُحَلِّلَهَا لزوجها الذي طلقها، ثم بعد ذلك يفارقها، ويُسَمَّى التيس المستعار!. إذا قال له صاحبه: إني أسفت على طلاق امرأتي ولا تحل لي إلا بعد زوج؛ فَتَزَوَّجْهَا وإذا دخلت بها ووطئتها فطلقها. نقول: إن هذا من المحرم.
كذلك أيضا الأموال الْمُحَرَّمة كأكل الربا الذي لُعِنَ فاعله: لعن الله آكل الربا ومُوكِلَهُ كذلك السرقة. جاء في الحديث: لعن الله السارق يسرق الحبل فَتُقْطَعُ يده، ويسرق البيضة فَتُقْطَعُ يده ؛ فيدل على أنه فعل جُرْمًا، وعمل عملا مُحَرَّمًا؛ فيتوب الإنسان من ذلك كُلِّهِ.
ويحافظ أيضا على الأعمال المتعدية، فَيَبَرُّ أَبَوَيْهِ، يحسن صحبتهما؛ كما في قول الله تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ويترحم أيضا على أقاربه؛ يصل أقاربه الذين هم ذوو الرحم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: من أحب أن يُبْسَطَ له في رزقه، ويُنْسَأَ له في أجله؛ فَلْيَصِلْ رحمه ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن القطيعة ؛ قطيعةِ الرحم، وقال: لا يدخل الجنة قاطعُ رَحِمٍ وقال: لا تنزل الرحمة على قوم فيهم قاطِعُ رَحِمٍ يعني: الذي يَهْجُرُ أقاربه ويقاطعهم، ولما سمع رجل من التابعين هذا الحديث قام مسرعا، وكانت له خالة قد هجرها؛ فجاء إليها وصالحها، وذلك دليل على أن السلف رحمهم الله كانوا حريصين على أن يعملوا الطاعات، وعلى أن يتركوا المحرمات.
فنتواصى بأن نعمل هذه الأعمال الصالحة؛ حتى تضاعف لنا أعمالنا في هذه الأيام العشر. من تاب إلى الله تعالى قَبِلَ الله تعالى توبته، وَوَفَّقَهُ في بقية حياته إلى الأعمال الصالحة؛ فيبادر المسلم على اغتنام هذه الأيام التي ما بقي منها إلا أربعة أيام أو نحوها، وكذلك ما بعدها من الأيام. فإذا حفظ أوقاته، وحافظ على عمره، وعَمَرَهُ بالطاعة رُجِيَ أن الله يغفر له ويتقبل عمله، ورجي أن أعماله الصالحة تكون مضاعفة؛ يحصل من آثارها مغفرة الذنوب، ورفع الدرجات، وتكفير الخطايا.