إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
الثمرات الجنية شرح المنظومة البيقونية
34137 مشاهدة
الحديث المؤتلف والمختلف

(مُؤتَلفٌ) مُتّفقُ الخطِّ فقَـطْ وضِدُّهُ (مختلِفُ) فَاخْش الغلَطْ
الحديث المؤتلف والمختلف:
أما (المؤتلف والمختلف) فهذا مما يحتاج إلى العناية به، وهو ما اتفقت حروفه وافترقت حركاته، فكثيرا ما تتفق الأسماء يعني في الحروف، وتختلف في الحركات، أو تتفق في الحروف وتختلف في النقط والإعجام، وكثيرا ما يحصل فيه التصحيف والتحريف، وكثيرا ما يشتبه محمد بن بشار بمحمد بن سنان ومحمد بن يسار مع كون الباء هنا بعدها معجمة، والياء هناك بعدها مهملة، لكن لكتابتهم باليد يحصل أيضا الاشتباه، وكثيرا ما يشتبه الاسم بما يقاربه؛ حيث يشتبه شيبان بسنان مع أن بينهما فرقا، ولكن غالبهم لا ينقطون الحروف؛ فلأجل ذلك يحصل الاشتباه كسليمان بسلمان مع أن بينهما فرقا، ويقع هذا في الأسماء التي يتقارب لفظها وتحتاج إلى ضبط وإلى عناية، وقد ضبطها النووي في مقدمة شرح مسلم فذكر الأسماء التي تتقارب، وذكر ما يوجد بينهما من الفروق، فأنت إذا قرأت مثلا هذه الكلمة تعرف أنها كلها تُنطق بكذا إلا هذا الاسم الفلاني، مثلا غالب الأسماء تتميز إذا كانت أعلاما وقد يحصل الاشتباه في بعض الأعلام وفي الأنساب، فقد يكون الفرق بينهما في النقط كالهمداني، والهمذاني، والدهني والذهبي، فإذا مر بك عمار الذهبي فأصلحه الدهني بالمهملة والنون؛ لأنه خطأ فليس هناك عمار الذهبي في الرواة الأولين، وإنما كتبوه الذهبي لاشتهار نسبة الذهبي، وإلا فالصواب أنه عمار الدهني.
والأولون يكتبون الحروف بدون نقط، فيجيء بعض النسَّاخ، والنساخ قد يكونون من العامة حتى سماهم كثير من الحذاق مُسَّاخا فيكتبونه، فإذا رأوا الدهني نقطوا الدال وجعلوا الدال ذالا وجعلوا النون باء، وقد يحصل أيضا التصحيف حتى بزيادة أو بإسقاط بعض من الحروف، فمثلا رأيت من صحف (الضبي بالضبعي) وبالعكس، فأسقط العين مع السرعة، وكأنها ما اتضحت العين فكتبها الضبي مع أنه الضبعي، فأما الاختلاف في النقط فحدث ولا حرج، مثل جمرة كثيرا ما يكتبونه حمزة، فأبو جمرة الضبعي تلميذ ابن عباس مشهور يكتبونه أبو حمزة؛ لأن كلمة جمرة غريبة غير مشهورة، ولما كتبت نقطت الراء فأصبح حمزة.
فهذا النوع يسمى المؤتلف والمختلف يعني بالمؤتلف المتقارب في الرسم، والمختلف في النطق إما بالشكل وإما بالنقط، فالشكل مثل سَلاَم وَسلاّم بتشديد اللام وتخفيفها هذا اختلافه بالشكل، وأما النقط فمثل سنان وشيبان، ومثل سيار ويسار وبشار وما أشبه ذلك، فهذا كله مما يقع فيه التصحيف، فهو يسمى بالمؤتلف، يعني: بالمؤتلف في الخط المختلف في النطق.