اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . logo الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
shape
الثمرات الجنية شرح المنظومة البيقونية
55609 مشاهدة print word pdf
line-top
الحديث المدبج

وَما رَوى كلُّ قرينٍ عن أخِهْ مُدبَّج فاعرِفـهُ حَقـا وانتَخِه
الحديث المدبَّج:
قوله:
(وَما رَوى كلُّ قرينٍ عن أَخِه... مُدبَّج فاعرِفهُ حَقا وانتَخِهْ).


وأما (المُدَبَّجُ) فهو أن يروي الراوي عن زميله، وتسمى رواية الأقران، وهم الذين يشتركون في زمن واحد وفي أُستاذ واحد، ويشتركون في الرواية عن شيخ فيسمون أقرانا ، مثل محمد بن بشار ومحمد بن المثنى زميلان، فسِنُّهُما متقارب، وهما تلميذان لمحمد بن جعفر المسمى بغندر، فيُقال فيهما قرينان، فإذا روى محمد بن بشار عن ابن المثنى فهذا هو المدبج، أي: أن يروي الزميل عن زميله حديثا، والزميل الثاني يروي عن زميله محمد بن بشار عن محمد بن المثنى، ثم روى محمد بن المثنى عنه حديثا آخر، يعني: روى هذا حديثا وهذا حديثا، فمثلا الإمام أحمد زميل ليحيى بن معين ومع ذلك قد روى يحيى عن أحمد وروى أحمد عن يحيى، حيث وجد أحمد عند يحيى أحاديث ما حصل عليها من مشايخه الذين لقيهم وسافر إليهم، ووجد يحيى أحاديث عند أحمد ولم يدرك مشايخه الذين روى عنهم أو روى عنهم غيرها، فقال يحيى حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدّثنا محمد بن جعفر مثلا، وقال أحمد: حدّثنا يحيى بن معين، حدّثنا وكيع بن الجراح، فهذا هو المدَبَّجُ.
رواية الأقران:
أما لو روى واحد عن الثاني ولم يرو الثاني عن الأول فإنه يسمى أقرانا، فالأقران رواية واحد عن قرينه، فإذا روى كل منهما عن زميله أصبح اسمه مدبجا، أي: أن هذا وجد أحاديث عند شيخ له ما وجدها الآخر عند شيخه.
فمثلا إذا كان عندنا الزميلان: عبد الإله ومحمد، زميلان في الوقت الواحد، ولكن عبد الإله اتصل بمشايخ حدَّث عنهم وما اتصل بهم محمد، فاحتاج محمد أن يروي تلك الأحاديث عن عبد الإله، فيقول: حدثنا عبد الإله عن شيخه فلان، وعبد الإله وجد أحاديث عند محمد عن مشايخ قد أدركهم ولكن ما روى عنهم تلك الأحاديث، فاحتاج أن يرويها عنهم بواسطة، فيقول: حدّثني زميلي محمد، عن شيخه فلان، وهو شيخهما، لكن ما استطاع أن يأخذ عنه هذا الحديث، أي أن كليهما قد أخذ عن ذلك الشيخ، ولكن محمد وجد عند ذلك الشيخ أحاديث ما بحث عنها عبد الإله، فلأجل ذلك انفرد بها، ولما سمعها عبد الإله عن زميله قال: فاتتني عن شيخي، فآخذها منك أي آخذها عن شيخي بواسطتك، وكذلك محمد وجد أحاديث عند عبد الإله عن شيخهما أيضا فقال: فاتتني تلك الأحاديث عن شيخي ما سمعتها منه، لكن آخذها منك وأرويها بواسطة زميلي للحاجة، فينزل درجة، فيقول: حدّثنا عبد الإله عن شيخنا فلان.

line-bottom