إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه logo القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
shape
محاضرة بعنوان شكر النعم (3)
11687 مشاهدة print word pdf
line-top
نعمة تطبيق الشريعة الإسلامية

نقول –أيضا- من نعم الله علينا: نعمة تحكيم الشريعة تحكيم شرع الله الذي جعله مفخرة للعباد، إذا تتبعنا الدول التي حولنا -شرقا أو غربا وجنوبا وشمالا- لا نجد فيهم من يحكم بالشرع؛ إلا من قل؛ بل نجدهم قد حكموا القوانين، وحكموا النظم الوضعية التي ليست من الشرع، أما في هذه الدولة -والحمد لله- فإنها دولة الشرع، ودولة القرآن، دستورهم: هو كتاب الله سبحانه وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- علماؤهم الذين يحكمون فيهم بالأحكام الشرعية هم الموثوق بهم الذين حملوا كتاب الله، وتعلموا العلم الصحيح، وتعلموا من الدين ما يحكمون به، يتقيدون بكل حكم أمر الله تعالى به، يتقيدون بالأحكام الشرعية التي أمر الله بها والتي ألزم بها عباده، وينهون عن التحكيم بغير الله الذي ذم الله تعالى أهله.
قال الله تعالى: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ويقول تعالى: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُون وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ فالذين لا يحكمون بما أنزل الله: كفرة.. ظلمة.. فسقة.. بموجب هذه الآيات الكريمة في سورة المائدة.
فإذا وفق الله تعالى دولة إسلامية يكون حكمها بما أنزل الله تعالى كان ذلك سببا لنصرهم ولتمكينهم في الأرض ولاستخلافهم وجعلهم خلفاء في الأرض ومن أمن بلادهم وأمنهم من فزع ومن خوف ومن عدوان وكل ما اعتدى عليهم أحد رد الله تعالى كيده في نحره كما قال الله تعالى عن اليهود: كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ أي- أبطل كيدهم، وأطفأ كيدهم، وردهم خائبين خاسرين، وكلما هم أحد بالأمة الإسلامية التي تحكم بشرع الله تعالى وتتقيد به كان ذلك سببا لرده وسببا لدحضه ونصر الحق ومن إظهار دين الله تعالى.
فهذه أفضل النعم التي خصنا الله تعالى بها، أو فضلنا بها على غيرنا، ذكرنا منها:
نعمة الإسلام، ونعمة العقيدة، ونعمة التوحيد؛ الذي هو الإخلاص، ونعمة الأمن؛ وأن سببه هو الإيمان، ونعمة تحكيم الشرع –أي- الحكم الشرعي.
فهذه الخمس.. يجب علينا أن نشكر الله تعالى عليها.

line-bottom