إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) logo إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
shape
شرح أصول السنة لإمام أهل السنة أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله تعالى 164-241 هـ
69938 مشاهدة print word pdf
line-top
الإيمان بالميزان يوم القيامة

18- والإيمان بالميزان يوم القيامة، كما جاء: يوزن العبد يوم القيامة فلا يزن جناح بعوضة . وتوزن أعمال العباد كما جاء في الأثر والإيمان به والتصديق به، والإعراض عن مَن رد ذلك وتركُ مجادلته.


من أصول أهل السُّنّة الإيمان باليوم الآخر، والإيمان بما أخبر الله به في اليوم الآخر، ومن ذلك أنه أخبر بالميزان، قال الله -تعالى- وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا .

قيل: إن العبد نفسه يُوزن، والدليل قوله -تعالى- فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا .
وفي الحديث: يؤتى بالرجل السَّمين الأكول الشَّرُوب فلا يزن عند الله جناح بعوضة .
وقيل: إن الأعمال تجسد وتوزن، والله قادر على أن يجعلها أجسادًا ولو كانت أعراضًا، فتجعل الصلاة جسدًا وتوزن، وكذلك الذِّكر، وكذلك الصوم وما أشبه ذلك، وتُوزن أيضًا السيئات فتجعل هذه في كِفَّة وهذه في كِفَّة.
وقيل: إن الذي يُوزن هو الصحف التي تكتب فيها الأعمال والسجلات التي سجلت فيها الأعمال سيئات وحسنات هي التي توضع في كِفَّتي الميزان، وبكل حال يؤمن العباد بذلك: فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ .
فهذه أدلة واضحة على ثبوت الميزان ولا عبرة بمن أنكره كالفلاسفة ونحوهم، وقالوا: إنما يحتاج إلى الميزان البقّالون والباعة ونحوهم، نقول: إن هذا من إظهار العدل من الله -تعالى-.

line-bottom