قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
shape
الصيام آداب وأحكام
84033 مشاهدة print word pdf
line-top
القسم الثالث يحيونها في اللهو واللغو

ويشمل أغلبية الناس؛ فإننا نراهم يحيون ليلهم، ولكن في لهو وسهو !! ، فتراهم يجتمعون في بيوتهم ومجالسهم يتبادلون الفكاهات والضحك، والقيل والقال، وربما تجاوز الأمر بهم إلى الغيبة، وإلى النميمة، وإلى الكلام في أعراض الناس، وما أشبه ذلك، ولا يذكرون الله في مجالسهم إلا قليلا ، ولا يستصحبون شيئا من القرآن، ولا من كتب الدين والعلم! .
وينقطع ليل أحدهم، أو ليل جماعتهم ليس لهدف سوى نوم النهار، هكذا قصدوا! فيفوت عليهم الأمران: الأول : أنهم لا يشاركون المصلين في الصلوات، ولا يشاركون القراء في قراءتهم.
والثاني : أنهم لا يشاركون أهل الأرباح الدنيوية في أرباحهم، فيفوت عليهم هذا وهذا! .
ولا يحزنون على خسارتهم، وأي خسارة تلك التي لا يشعرون بها؟! ألا وهي مضي هذه الأيام والليالي الشريفة دون أن يستغلوها، ودون أن يستفيدوا منها، فما أعظم خسارتهم! وما أعظم حسرتهم حينما يرون أهل الأرباح قد تقاسموا الأرباح! وحينما يرون أهل الحسنات قد ضوعفت لهم حسناتهم، فهؤلاء لا خير دين، ولا خير دنيا، بل ربما يكتسبون مآثم بكلام لا فائدة فيه؛ فإن كلام ابن آدم مكتوب عليه، يقول الله تعالى: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ .
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: كل كلام ابن آدم عليه لا له، إلا ذكر الله ومن والاه، وأمر بمعروف، ونهي عن منكر ويصدق على ذلك قول الله تعالى: لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ .
وهؤلاء قد يكتب عليهم ما يُسألون عنه، ويحاسبون عليه: لماذا قلتم كذا؟ ولماذا تكلمتم بكذا؟ ولماذا لم تستخدموا ألسنتكم التي سخرها الله لكم في ذكر الله؟ ولماذا أبعدتم آذانكم عن استماع ما فيه طاعة الله تعالى، وفيما يرضيه؟ فلا يجدون لهذا السؤال جوابا ! .

line-bottom