إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
الصيام آداب وأحكام
49637 مشاهدة
المقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله - صلى الله عليه وسلم - .
أما بعد:
قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ يقول ابن كثير - رحمه الله - يقول الله تعالى مخاطبا المؤمنين من هذه الأمة وآمرا لهم بالصيام؛ وهو الإمساك عن الطعام والشراب والوقاع بنية خالصة لله عز وجل لما فيه من زكاة النفوس وطهارتها وتنقيتها من الأخلاط الردئية والأخلاق الرذيلة، وذكر أنه كما أوجبه عليهم فقد أوجبه على من كان قبلهم فلهم فيهم أسوة حسنة، وليجتهد هؤلاء في أداء هذا الفرض أكمل مما فعله أولئك ، ثم قال: والصوم فيه تزكية للبدن وتضييق لمسالك الشيطان ا هـ.
لقد جاءكم شهر كريم، أوجب الله صيامه وقيامه، فمن قصر فيه فهو من الخاسرين، ومن اجتهد في صيامه وقيامه كان من الرابحين، شهر رمضان شهر البركات ؛ أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، فيا له من شهر عظيم يجب علينا أن نستغل أيامه ولياليه، فالخاسر من يذهب عنه الشهر ولم يغفر له.
ولأهمية الصيام وعظم شأنه فقد قمت بجمع هذه الرسالة من محاضرات وفتاوى شيخنا العلامة عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين ثم قمت بترتيبها والتنسيق بين موضوعاتها، ثم أضفت إليها بعض المسائل المهمة والتي أجاب عليها فضيلة الشيخ بخط يده، فجاءت رسالة شاملة مبينة لآداب الصيام وأحكامه، إضافة إلى بيان شيء من أحكام الاعتكاف وفضل العشر الأواخر من رمضان، وأحكام زكاة الفطر، وأحكام العيد ثم خاتمة في وداع الشهر الكريم.
نسأل الله أن يعيده علينا وعليكم والمسلمون في عز ونصر وتمكين، ونسأله تعالى أن يبلغنا رمضان، وأن يتقبل منّا الصيام والقيام، إنه سميع مجيب، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كتبه
أبو أنس علي بن حسين أبو لوز
في: 30-5-1417هـ الموافق: 12-10-1996م
الرياض
حي الخالدية الرمز: 11497 - ص.ب:31271 .1 .