إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة logo عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
shape
السلف الصالح بين العلم والإيمان
15738 مشاهدة print word pdf
line-top
المراد بالسلف

البحث الأول: يتعلق بالسلف من هم؟
كثيرًا ما نسمع: قال السلف، وهذا منهج السلف، وعند بعض السلف. اصطلح العلماء على أن السلف هم أهل القرون المفضلة أهل القرون الثلاثة المفضلة يسمون السلف في الاصطلاح، ومن بعدهم يسمون الخَلَف إذا كانوا على الإسلام، أما المغيرون والمنحرفون فيقال لهم: خَلْف؛ يعني: خَالِفٌ بسوء، فالخَلَف معهم إيمان ولكن هم أنقص من السلف، والخَلْف: خَلْفُ سوءٍ كما في قول الله تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ .
فالخَلْف: هو الذي يأتي مخالفا لمن قبله مخالفة كاملة. ونحن إنما موضوعنا عن السلف؛ وذلك لأن الخَلَف والخَلْف يحتاج إلى موضوع آخر.
السلف: هم أهل القرون المفضلة؛ يعني: الصحابة والتابعون وتابعو التابعين.
الصحابة: هم الذين رأوا النبي -صلى الله عليه وسلم- وآمنوا به، وماتوا على الإيمان (ذكورًا وإناثًا). وقد حازوا قصب السبق؛ وذلك لأنهم فازوا وسبقوا غيرهم بالصحبة بحيازتهم كونهم صحبوا النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخذوا عنه, وسمعوا منه, ولا شك في مزيتهم هذه وفي فضلهم.
بعدهم تلامذتهم الذين هم التابعون، التابعي: هو من رأى أحدًا من الصحابة، وعقل رؤيته؛ ولو من أصاغر الصحابة يعطى اسم تابعي؛ وذلك اصطلاحًا؛ لأنه تابع لمن قبله.
وتابعو التابعين: هم الذين رأوا أو أدركوا أحدا من التابعين، رأوا التابعين ولو من المتأخرين.
قد ذكروا أن الصحابة انقرضوا في القرن الأول قيل: إن آخرهم أنس بن مالك الذي مات سنة ثلاث وتسعين. وقيل: إن منهم من أدرك المائة كالطفيل .
أما التابعون فاستمروا؛ يعني: بقوا وعُمر بعضهم إلى أواخر القرن الثاني؛ ولكنهم يتفاوتون، فمن أكابرهم من أهل المدينة الفقهاء السبعة الذين أدركوا أكابر الصحابة كسعيد بن المسيب وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود والقاسم بن محمد بن أبي بكر ونحوهم من أولاد الصحابة الذين أخذوا عن كبار الصحابة وأدركوا الخلفاء أو بعضهم، ومن أصاغر التابعين من رأى بعضهم حيث ذكروا أن الأعمش أدرك أو رأى أنس بن مالك فكُتب له رؤية فأصبح من التابعين.
أما تابعو التابعين: فهم الذين ما أثر أنهم رأوا أحدًا من الصحابة، ومنهم بعض كبار الأئمة كمالك بن أنس وأبي عبد الرحمن الأوزاعي ومن في طبقتهما هؤلاء من أكابر تابعي التابعين، وفيهم أيضًا من العلماء ومن الأكابر حملة العلم من أثر عنهم شيء عظيم فهؤلاء هم السلف، تابعو التابعين مضوا أو بقوا إلى قرب القرن الثالث أو أواسطه، بعدهم أتباعهم الذين ما أدركوا أحدا من التابعين، أتباع تابعي التابعين ومنهم الأئمة؛ يعني: كالبخاري ومسلم والشافعي وأحمد ونحوهم هؤلاء من أكابر أتباع تابعي التابعين.
نقول: إن أهل القرون الثلاثة هم ومن في طبقتهم هم السلف؛ وذلك لأنهم مضوا قبل مَنْ بعدهم، سلفوا يعني: مضوا، السلف معناه: المضي، سلف الشيء معناه: مضى وانقضى وانقرض. هذا سبب تسميتهم بالسلف، أنهم سلفوا؛ ولكنهم سلفوا على الاستقامة، سلفوا على العقيدة السليمة، مضوا على عقيدة مستقيمة، ليس فيهم من هو منحرف ولا مبتدع؛ إلا من هو شاذ لا يؤبه له، ومن اضطهد وأُذل وأُهين.
في هذه الفترة التي هي فترة السلف كان العلماء الأجلاء، كان من بينهم علماء الصحابة الذين حفظوا العلم، وعلماء التابعين، وعلماء تابعي التابعين، هؤلاء من السلف، وكذلك منهم العُبَّاد ونحوهم من رجال ونساء. ولا شك أنَّا إذا اعتقدنا أنهم على الصواب كانت أقوالهم قدوة.

line-bottom