قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
السلف الصالح بين العلم والإيمان
8969 مشاهدة
بدعة الخوارج

نحن لا نشك أن عهد السلف وجد فيه مبتدعة، ووجد فيه محدثات، وكَذَبَة ومعاص، ونحو ذلك؛ ولكن كان هناك من يجابهها ومن يقاومها ومن يرد على أهلها ومن يبطل شبههم، ويبطل أعمالهم وحيلهم ولا يبقى لهم أثر، ولا ضرر على الأمة منهم؛ وذلك لكثرة الحق وقوة أهله، فلم يكن للمبتدعة شيء من التأثير.

قد وجد بعض البدع في القرن الأول، فوجدت بدعة الخوارج في عهد الصحابة وقاتلهم علي رضي الله عنه، وقاتلهم بعده الصحابة إلى أواخر القرن الأول.
وبدعة هؤلاء هي من أخف البدع، هي أنهم جعلوا العفو ذنبا والذنب كفرا؛ بحيث إنهم يكفرون بالذنب، ويخرجون المذنب من الإسلام، ويحكمون بأنه حلال الدم والمال، ويخرجونه من دائرة المسلمين، ويحكمون عليه في الآخرة بأنه من أهل النار. هكذا عقيدتهم، وقد جاءت الأحاديث بذمهم، وبيان ما هم عليه من العقيدة السيئة، ورويت تلك الأحاديث واشتهرت.
ولما كان كذلك.. لم يتبعهم أحد من الصحابة، ولا من علماء الأمة؛ وإنما تبعهم من العوام، وبعض المتأولين ممن لم يكن لهم قدم راسخ في العلم الموروث عن الصحابة رضي الله عنهم.