اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . logo قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
shape
الثمرات الجنية شرح المنظومة البيقونية
54500 مشاهدة print word pdf
line-top
الحديث المضطرب

وَذُو اخْتِلافِ سَندٍ أَوْ مَتنِ مُضطَرِبٌ عِنْـدَ أُهيلِ الفَن
الحديث المضطرب:
قوله:
(وذو اختلاف سند أو متن... مضطرب عند أهيل الفن).


(المضطرب) هو الذي يقع فيه اختلاف في أَلفاظه، يقال: اضطرب الرواة في هذا الحديث، فرواه بعضهم كذا ورواه بعضهم كذا، ولم نستطع أن نرجح راويا على راو، ويعد الاضطراب قادحا في الحديث مسبّبا اطِّرَاحه، ومثّلَ له ابن القيم بحديث أبي هريرة الذي في ( السنن ) ، (والمسند ) في صفة الصلاة إذا سجد أَحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه وقال: إن هذا حديث مضطرب، رواه بعضهم: وليضع يديه قبل ركبتيه ورواه بعضهم بالعكس: إذا سجد أَحدكم فليضع ركبتيه قبل يديه، ولا يبرك كبروك الفحل وبعضهم حذف الجملة كلها واقتصر على: فلا يبرك كبروك الفحل ولم يذكر اليدين والرجلين، وبعضهم رواه: إذا سجد أحدكم فليضع يديه على ركبتيه ولم يقل: قبل ركبتيه، وقال بعضهم: كالبعير يضع ... إلخ ذلك من الروايات، فجعل هذا اضطرابا يقدح به في الحديث.

فالمضطرب ضعيف؛ حيث إننا لا ندري نأخذ بهذا أَم بهذا أَم بهذا، فيطرح الحديث فنقول:
المضطرب هو: الذي يختلفُ فيه الرواة، فَيروُونه على وجوه مُحتَمِلة، فلا نرجح هذا على هذا، بل يُتَوَقَّفُ في قبوله كله ويعدل إلى غيره، فإن كان أصل الحديث محفوظا في الصحيحين مثلا ثم حصل اضطراب فيما بعد في السند أو في المتن فإنه لا يضر، وأكثر ما يكون الاضطراب في السند؛ حيث يبدل راوٍ براو، ويوصل مرة ويقطع مرة، فيقال: هذا مضطرب السند، ولا يضر الاضطراب في الإسناد إن كان أصله محفوظا وحَدَثَ الاضطراب متأخرا.

line-bottom