شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة logo إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
shape
الثمرات الجنية شرح المنظومة البيقونية
57314 مشاهدة print word pdf
line-top
الحديث المقلوب وأنواعه

إِبدالُ رَاوٍ ما بِرَاوٍ قِسْمُ وقَلْبُ إِسْنَاد لِمتنٍ قِسْمُ
الحديث المقلوب:
قوله:
(إبدال راو ما براو قسم...وقلب إسناد لمتن قسم).


(المقلوب) والقلب يكون تارة في الإسناد، وتارة في المتن، وتارة يكون في المتن والإسناد، فالإسناد كأن يُبْدِلَ راويا براو إذا كان بينهما تقارب في اللفظ، كأن يُبْدِلَ عاصِما الأَحْوَل بواصِل الأحْدَب لتقاربهما في اللفظ والسمع، مع اختلافهما، أو يبدل يحيى بن بكير بيحيى بن أبي بُكير وكلاهما من الرُّواة، فالأول هو يحيى بن عبد الله بن بكير يروي عنه البخاري كثيرا فيقول: حدَّثنا يحيى بن بكير، وأما الثاني فروى عنه ابن أبي شيبة وغيره وهو من رجال الصحيحين، فإبدال راوٍ براوٍ يُسمى قلبا، يُقال: انقلب هذا الحديث على فلان، فجعله عن شيخه فلان وقد أخطأ.
أنواع القلب:
 وقد يكون قلب الإسناد بإبدال راوٍ ثقة براوٍ ضعيف أو بالعكس، ولا شك أنه إن كان الأصل أنه ضعيف وانقلب براوٍ ثقة، فإنه يعد مردودا، فكثيرا ما يروى حديث عن عبد الله بن عمر العمري وهو ضعيف، فينقلب على بعضهم بعبيد الله بن عمر هو أخوه الثقة، ويقال: هذا الحديث انقلب على الدراوردي مثلا ، أو انقلب على غيره من عبد الله إلى عبيد الله العمري وهذا طعن في الحديث.
ومن أنواع الانقلاب: أن يحول متن إلى إسناد حديث آخر أو بالعكس، وقد يكون عمدا كما وقع لجماعة من أهل بغداد لما قدِم عليهم البخاري قلبوا له أسانيد مائة حديث، جعلوا إسناد هذا لمتن هذا وإسناد هذا لمتن هذا، وأعطوها عشرة أشخاص، لكل شخص عشرة أحاديث، وقالوا له إذا اجتمعوا عنده فاسأله عن عَشَرتك، ففعل الأول وكلما حدَّثه بحديث قال: لا أعرفه، حتى تم عشرته، وجاء الثاني وهكذا حدّثه بالعشرة، وقال: لا أعرفها، فأما عوام الناس فقالوا: إنّه غير حافظ، كيف مر عليه مائة حديث وهو لا يعرفها، وأما أهل العلم الذين عملوا هذه الحيلة فإنهم عرفوا أنه قد فَطِن.
ولما أكمل العشرة أحاديثهم رجع إلى أولهم، وقال: حديثك الأول حدَّثناه فلان عن فلان عن فلان، وحديثك الثاني والثالث إلى أن تمم عشرته، وهكذا حتى أتمهم، فردّ الأسانيد إلى متونها والمتون إلى أسانيدها، فاعترفوا له بالفضل، وهذا يسمى قلب إسناد إلى متن للاختبار.
وقد يكون القلب في نفس المتن، بأن تنقلب كلمة بدل كلمةٍ على بعض الرواة، مثاله حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله، وفيه: ورجلٌ تصدّق بصدقة فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه انقلب على بعض الرواة فقال: حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله . وهذا انقلاب في المتن.
ومثله حديث في الشفاعة، وفيه: أن النار يبقى فيها فضل، ويبقى في الجنة فضل، قال: فأما النار فينشئ الله لها خلقا فيسكنهم فيها وهذا انقلاب، والصواب أنه ينشئ للجنة، وتأبى حكمته أنه ينشئ للنار خلقا ما عملوا أعمالا سيئة فيدخلهم النار بلا ذنب، أما الجنة فينشئ الله لها خلقا فيسكنهم فيما فيها من الفضل.
والحاصل أن هذا يسمى انقلابا في المتن، وذكر ابن القيم أيضا له مثالا وقال: إنه انقلب على بعض الرواة، وهو حديث أبي هريرة الذي يقول فيه: إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه وقال: إن آخره يخالف أوله، فإن البعير يقدم يديه في البروك قبل رجليه، وأنكر أن ثفنات اليدين تسمى ركبا، بل الركبة دائما في الرجل وقال: لعله انقلب على بعض الرواة وأن صوابه وليضع ركبتيه قبل يديه، وذكر أنه كذلك وقع عند ابن أبي شيبة في المصنف: إذا سجد أحدكم فيضع ركبتيه قبل يديه ولا يبرك كبروك الفحل ولو كان سنده ضعيفا لكنه وافق الأصل، فترجح بذلك أن الحديث منقلب على بعض الرواة كالداراوردي أو محمد بن عبد الله بن الحسن وكلاهما فيه مقال يضرُّ مع التفرد والمخالفة.
وعلى كل حال فإن الانقلاب يُرْجَعُ فيه إلى أصل الحديث، فإذا خفْتَ أَن يكون هذا الحديث مما انقلب على بعض الرواة فارجع إلى أصل الحديث ثم اطرح الرواية المنقلبة، ويعد الانقلاب قدحا في الرواية ونقصا في الحديث؛ لأنه خطأ وقع إما في المتن وإما في الإسناد .

line-bottom