إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
طلب العلم وفضل العلماء
11962 مشاهدة
اغتنام الوقت في طلب العلم

إذا عرفنا أنَّا مطالبون أن نتعلم ما ينفعنا، فإن علينا أن نغتنم الأوقات قبل أن تتغير الأحوال.
فمثلا الأولاد ذكورا أو إناثا ما داموا في سن الشباب، وقد تفرغوا، وقد كُفُوا المؤونة، ويسر الله لهم الوالدين اللذين يكفونهم حوائجهم ويفرغونهم للتعليم، فعليهم أن ينتهزوا الفرصة وأن يتعلموا.
ومجال العلم واسع، سواء ما تعلمه من أفواه المشايخ والعلماء، أو من الحلقات التي تقام في المساجد، أو نحوها، ومن الدروس التي تقام في المراكز الصيفية، أو من الأسئلة والأجوبة، بأن يسألوا ويستفسروا أهل العلم عملا بقوله تعالي: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ .
ينتهز الشاب هذه الفرصة قبل أن تتغير حاله؛ فإنه بعد سنوات ربما يحتاج إلى نفسه، عندما ينفرد، ويكلف أن يكسب رزقه ومعيشته بنفسه، يشق عليه بعد ذلك التفرغ والتعلم، ويقع في حرج ومشقة، فمتى يتعلم وقد فات الأوان؟! فما أحسنها من فرصة مهيأة للشاب الذي كفي المؤونة ويسرت له الأسباب.
في أزمنتنا هذه بحمد الله الأسباب ميسرة، الأسباب العامة والأسباب الخاصة، ومن الأسباب العامة أن الله -تعالى- أعطى الإنسان العقل والفهم والذكاء والإدراك والسمع والبصر، وامتن عليه بذلك في قوله تعالى: وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ فامتن عليه بأنه وإن أخرجه جاهلا فقد منَّ عليه بالسمع والبصر والفؤاد: فبالسمع يستمع إلى النصائح والمسائل التي تنفعه، والبصر يقرأ في الكتب وينظر في آيات الله، وبالفؤاد يتعقل ويتفقه ويتفكر فيما حفظه فيكتسب بذلك علما.
كما أن سن الشباب هو وقت الذكاء ووقت الحفظ ووقت بقاء المعلومات؛ ولأجل ذلك يقول بعضهم: إن العلم في الصغر كالنقش في الحجر، وهذا مثل مطابق؛ وذلك لأن الصغير متفرغ القلب، وعادة الصغير يكون قلبه متفتحا، مقبلا على ما يسمعه، وما قرع سمعه وقر في قلبه وبقي في ذاكرته مدة وبرهة طويلة، فينتفع ببقاء هذه المعلومات.
هذا من جهة، ومن جهة ثانية أن الله -تعالى- يسر لنا في هذه البلاد هذه الدولة التي قد كفتنا المؤونة ويسرت لنا الأسباب التي نتحصل بها على طلب العلم، فمن ذلك ما فتح من المدارس ومن المعاهد، ومن الكليات ومن الجامعات التي تحتوي على علوم نافعة. ولا تخلو جامعة أو كلية أو مدرسة أو معهد من علوم نافعة، وعلوم مكملة، فإذن كل يلتحق بما يلائمه وما يميل إليه، يقرأ ويتعلم مجانا دون أن يؤخذ عليه أجرة تعليم ونحوها، وتبذل له الوسائل كلها، المعلمون يبذلون له العلم دون مقابل، والكتب والمقررات تعطى له وتصرف له أيضا بدون قيمة، وما أشبه ذلك، فهذه أيضا من النعم التي يجب أن تغتنم.
ومن الأسباب والوسائل أن هناك كثير من العلماء قد بذلوا الكثير من أوقاتهم في بذل العلم والتعليم، سواء في الليل أو في النهار، فأقاموا حلقات في بيوتهم، أو في المساجد القريبة من بيوتهم، وفتحوا المجال لمن يريد أن يتزود ويتنور.
فما بقي على المسلم إلا أن يهتم بهذا الأمر وأن ينفذ همته ونيته، فإذا نفذها رجي أن يحصل بذلك على علم نافع مفيد.