إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
شرح كتاب الإيمان من مختصر صحيح مسلم
33018 مشاهدة
الإيمان يأرز إلى المدينة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: باب: الإيمان يأرز إلى المدينة .
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها .


هكذا جاء هذا الحديث في فضل المدينة يأرز: يعني يرجع إلى المدينة الإيمان الصحيح يأرز يعني: لو ذهب فإنه يرجع، كما تأرز الحية إلى جحرها. الحية تذهب بعيدا ثم ترجع وتدخل في جحرها، فكذلك الإيمان، لو قدر مثلا أنه خرج من المدينة أناس من أهل الإيمان فلا بد أن يرجع بدلهم، وهذا تزكية لأهل المدينة والمراد بهم الحاملون حقا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم أي: لا بد أن يكون فيها علماء، وأن يكون فيها مؤمنون، وأن يكون فيها أتقياء وعباد وصالحون، ولا تخلو في وقت من الأوقات من أن يكون فيها من يدعو إلى الله ومن يعلم الشريعة ومن يعلم الدين.. وهكذا.
ومن تتبع أخبارها وجد الأمر كذلك من العهد النبوي إلى هذا الزمان، أن المدينة لها مزية في أن أهلها فيهم علماء وفيهم عباد وفيهم زهاد، ولا ينفي أن يوجد فيهم منافقون وعصاة ونحوهم ولذلك قال الله تعالى: وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ فدل على أنه يوجد في المدينة منافقون، يوجد فيها روافض، يوجد فيها عصاة، يوجد فيها مذنبون، ولكن هناك فيها علماء وزهاد وعباد وأهل العبادة وأهل العلم، وفيها المسجد النبوي الذي تشد إليه الرحال، وهو ثاني المساجد التي تشد إليها الرحال، الصلاة فيه بألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام .
وفيها أيضا قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه، وقبور الصحابة في البقيع وقبور الشهداء، وفيها مسجد قباء الذي أنزل الله فيه قوله تعالى: لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا نزلت في رجال بمسجد قباء وبكل حال فالمدينة لها مزية وشرف؛ ولذلك فضلها الله بأن جعلها مهاجر النبي صلى الله عليه وسلم وليست أفضل من مكة ؛ لأن مكة هي قبلة المسلمين القبلة التي يتوجه إليها المسلمون.
أما الحديث الذي يرويه بعض الصوفية أو النساك ونحوهم الذي فيه: (اللهم كما أخرجتني من أحب البلاد إلي فأسكني في أحب البلاد إليك). فهذا لم يثبت، حديث ضعيف، ولا شك أن كلا مكة والمدينة من أفضل البلاد، حرم الله تعالى مكة وحرمها إبراهيم وحرم النبي صلى الله عليه وسلم كذلك المدينة وجعلها حرما يحرم فيها القتال، ويحرم فيها قطع الشجر وما أشبهه.