(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
خواطر رمضانية
12741 مشاهدة
وختامًا

بهذا نعلم أن هذه العبادة ما شرعت إلا لهذه الحكم والمصالح، وهي كثيرة، وإنما أشرنا إلى بعض منها حسب ما يتسع له المقام.
وبكل حال فإن الله - سبحانه وتعالى - حكيم في شرعه، فما شرع العبادات إلا لتهذيب النفوس وتقويمها، لم يشرع شيئًا منها عبثًا ، بل لفوائد جمة ومصالح عظيمة، يعرفها المؤمن ويعتقد في كلّ ذلك أن ربه - سبحانه وتعالى - هو الحكيم الذي يضع الأشياء في مواضعها اللائقة بها.
كما أن عليك أيها المسلم أن تتقبل كل ما جاءك من الشريعة ولو لم تصل إليك الحكمة التي شرعت من أجلها هذه العبادة، عليك أن تعرف أن الذي فرضها هو الحكيم العليم، هو الرب العليم بعباده، فتتقبلها سواء علمت الحكمة والمصلحة التي فيها أو قصرت معرفتك عن ذلك؛ لأن هذا واجب على المؤمن فيما يسمى بالعبادات التعبدية التي تفعل على وجه الطاعة، وإن لم نصل إلى الحكمة فيها، ولكن العبادات الظاهرة، كالصلاة والصيام والطهارة وما أشبهها نعرف لها حكمًا تفوق العد وإن أحصى شيئًا منها، والمؤمن يكتفي ببعض الإشارة، فإذا عرف المسلم هذه الحكم حرص على تحقيقها.
فإذا عرفت أن الصيام يأمر بجميع الطاعات، ويزجر عن جميع المحرمات، حرصت على تحقيقها ، وتمثلت كلها في نفسك حتى تكون ممن انتفع بصومه وبسائر عباداته.
أسأل الله العلي القدير أن ينفعنا بما علمنا، ويعلمنا ما ينفعنا، وأن يزيدنا علما , وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين , والحمد لله رب العالمين.