اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
محرمات متمكنة في الأمة
17699 مشاهدة
محرمات متمكنة في الأمة

بسم الله الرحمن الرحيم
أحمد الله وأشكره وأثني عليه وأستغفره وأتوب إليه وأذكره، وأسأله سبحانه أن يغفر لنا الذنوب والخطايا، ويتجاوز عن المعاصي والآثام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ند ولا شبيه ولا ظهير ولا معين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وهو محمد بن عبد الله، الذي بشر وأنذر وخوف وحذر الأمة من صغائر الذنوب وكبائرها -صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وأصحابه ومن اقتفى أثره وتمسك بهداه وسلم تسليما كثيرا .
وبعد :
فإن ربنا تبارك وتعالى خلقنا لعبادته وأمرنا بتوحيده وطاعته، وحرم معصيته ومخالفته، ووعد من أطاعه بالجنة والأجر العظيم، وتوعد من عصاه وخالف أمره بالنار والعذاب الأليم، وفرض على أنبيائه ورسله أن يبينوا للأمم تفاصيل الطاعات والمحرمات وما يترتب على فعلها من الثواب والعقاب، وبعد أن وَضَحَ الحق واستبان وعرف الناس الواجبات والمحظورات لم يبق للناس على الله حجة ولا اعتذار، فمن تمسك بالحق ودان لله تعالى بالعبودية وأذعن لأمره واستكان وتقرب إليه بالحسنات وحفظ نفسه عن السيئات فهو السعيد الفائز برضى الله تعالى وثوابه، ومن عصى وعتى وتمرد وخرج عن الطاعة وتجرأ على المحرمات فهو الشقي الطريد المبعد عن رحمة ربه وفضله.
وذلك أن الله تعالى من حكمته قد حف الجنة بالمكاره، وحف النار بالشهوات، فمن صبر على الطاعات وألزم نفسه بالمكاره من العبادات وتحمل في طاعة ربه المشقات والصعوبات فهو من أهل السعادة والفلاح وجزيل الثواب، ومن أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني وانساق نحو شهواته وملذات نفسه وانخدع بالمغريات البراقة ولم يتمعن فيما وراء هذه الشهوات من العاقبة السيئة فهو من أهل الشقاء والحرمان وشديد العقاب.
ومن حكمة الله تعالى كما حف النار بالشهوات أن مكن للعصاة وأمهلهم وعجل لهم طيباتهم في الحياة الدنيا، وأعطاهم من زهرتها وزينتها، فاعتقد الغوغاء والعامة أنهم من ذوي الحظ العظيم، وأن إكرامهم في الدنيا دليل فضلهم وأقدميتهم رغم ما يجاهرون به من المعاصي، وما يفرطون فيه من الطاعات، فسار الأكثرون خلفهم، وأمعنوا في تقليدهم مما كان سببا في ظهور المعاصي والمجاهرة بفعل المحرمات بدون خجل ولا مبالاة، فظهر التبرج والسفور ووسائل الزنا والفواحش، وكثرت بيوت الدعارة والفساد وشربت الخمور، وأعلن شرب الدخان وتعاطي المخدرات، وتفنن الكثير في السرقة والاختلاس وانتهاب الأموال وأكلها بغير حق، وكثر التعامل بالربا والغش والمخادعة والرشوة والاحتيال على تحصيل المال بأنواع الحيل، وتهاون الكثيرون بالصلاة والصوم والأعمال الصالحة، فكان لزاما على أهل العلم أن يبينوا للناس خطر ما وقعوا فيه، وأن يحذروهم عاقبة التهاون بالمحرمات.
وكنت قد ألقيت محاضرة حول بعض المعاصي المتفشية في هذه البلاد خاصة، وسجلها بعض الإخوان ثم أفرغها الأخ علي بن حسين أبو لوز وعرضها علي فصححتها، وقد أضاف إليها بعض التعديلات، وأذنت بنشرها على ما فيها من ضعف التركيب وعدم التنسيق الذي اقتضاه الارتجال، وأرجو من الإخوان أن ينبهونا على ما فيها من خلل وخطأ فالمؤمن مرآة أخيه، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين