لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
الحسد
17649 مشاهدة
الفرق بين العائن والحاسد

قال ابن القيم في بدائع الفوائد:
العائن والحاسد يشتركان في شيء، ويفترقان في شيء، فيشتركان في أن كلا منهما تتكيف نفسه، و تتوجه نحو من يريد أذاه، فالعائن، تتكيف نفسه عند مقابلة المعين ومعاينته،
والحاسد: يحصل له ذلك عند غيبة المحسود وحضوره، ويفترقان في أن العائن قد يصيب من لا يحسده: من جماد، أو حيوان، أو زرع أو مال، وإن كان لا يكاد ينفك من حسد صاحبه، وربما أصابت عينه نفسه، فإن رؤيته للشيء رؤية تعجب وتحديق ، فمع تكيف نفسه بتلك الكيفية تؤثر في المعين. ا.هـ.
فالحاصل أن الحاسد هو: الذي يهمه ما يرى في إخوانه المسلمين من النعمة والخير ، والصحة والمنزلة الراقية فيحقد عليهم، ويغتم لذلك، ثم يسعى في زوالها، ويبذل ما في وسعه من وشاية وكذب، وافتراء عليه، ويؤلب عليه من له سلطة أو ولاية، حتى تزول تلك النعمة التي يتمتع بها أخوه، وليس هناك دافع له على إزالتها سوى الحقد والبغض، فلا يقر قراره حتى يتلف المال، أو يفتقر الرجل، أو يمرض ، أو يُحرم من حرفته أو عمله.
أما العائن فهو: إنسان قد تكيفت نفسه بالخبث والشر، فأصبحت تمتد إلى ما يلفت النظر، و ترسل إليها ما يحطمها ويغيرها، فيسقط الطائر من الهواء، ويعطب الوحش البري، بمجرد كلمته ونظرته السامة، فقد ذكر ابن القيم رحمه الله أن منهم من تمر به الناقة أو البقرة السمينة فيعينها، ثم يقول لخادمه: خذ المكتل والدرهم، وآتنا بشيء من لحمها، فما تبرح حتى تقع فتنحر.
وقال الكلبي كان رجل من العرب يمكث يومين أو ثلاثة، لا يأكل ثم يرفع جانب خبائه فتمر به الإبل فيقول: لم أر كاليوم إبلا ولا غنمًا أحسن من هذه. فما تذهب إلا قليلا حتى يسقط منها طائفة.
وقد حكى بعض الإخوان أن منهم من يريد السفر على الطائرة أو الحافلة فيعينها، فتتوقف حتى يتفرغ فيأتي ويتكلم بما يبطل ما بها فتصلح مع بذل العمال ما يستطيعون في إصلاحها ، والحكايات عن أهل العين كثيرة مشهورة.
ومع ذلك قد أنكرها بعض المشايخ الكبار بسبب أنهم لا يعلمون لها سببًا مباشرًا، وذلك لجهلهم بتأثير الأرواح وما تختلف به عن الأجساد، كما أشار إلى ذلك ابن القيم رحمه الله تعالى في (البدائع) وغيره.