إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
الحسد
17632 مشاهدة
تقديم فضيلة الشيخ العلامة عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله تعالى على ما أنعم، وله الشكر على ما وفق له وألهم، نحمده سبحانه على ما تفضل به وتكرم، هو ربي لا إله إلا هو، وهو الإله الواحد المعظم، أرسل نبيه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - فهدى الله به من هذه الأمة من أراد به خيرًا من جميع الأمم، وحرم الهداية أهل الغي والحسد وحيل بينهم وبين هذا الفضل والكرم.
وبعد:
فهذه رسالة كتبتُها في الحسد وآثاره وأضراره وما وقع بسببه من المصائب والشرور والفتن، وسردت بعض الأدلة التي نقلتها عن مؤلفات أهل العلم، كـ(الآداب الكبرى) لابن مفلح، و(تفسير الرازي الكبير ومختصره) للقمي و(الترغيب والترهيب) للمنذري ونحوها، رجاء أن يستفيد منه من قرأه بإنصاف وتمعن ، حتى يخف أثر هذا الداء العضال الذي فشا وتمكن حتى في طلبة العلم وحملته، فإن الحسود لا يسود ولا يناله من حسده إلا الهم والغم والنكد والكبد، فمن عرف أن الله تعالى هو المنعم على عباده بما فيه خيرهم وصلاحهم، أو فيه اختبارهم وابتلاؤهم، فلا يجوز له أن يحسدهم على ما أعطاهم الله تعالى وإنما عليه أن يغبطهم إذا أدوا حقوق الله تعالى وعملوا بما يرضيه، ويحرص على أن يحصل على مثل ما حصلوا عليه، فأما السعي في إزالة النعمة وتنغيصها على أهلها فهو من الكبائر، والله المتفضل على عباده، وله الحمد والشكر وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله الجبرين
21 - 3 - 1419 هـ