تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
الجواب الفائق في الرد على مبدل الحقائق
39382 مشاهدة
وغاب عن هذا المجرم قوله تعالى: لا إكراه في الدين، وجوابه

ثم قال هذا الكاتب في السطر الرابع في الصفحة الرابعة: وغاب عن هذا المجرم قوله تعالى: لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ وقال عليه الصلاة والسلام: إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار . وقال: سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر وقال تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ الآية... إلخ.


جوابه: أن يقال أنت أيها القائل أولى بوصف الإجرام؛ حيث بالغت في نفي بعض صفات الله الكمالية التي أثبتها لنفسه، وحيث أجزت للناس دعاء غير الله أو التوسل بذوات المخلوقين الذي هو وسيلة إلى الإشراك بالله، وحيث روجت تلك الأكاذيب على أهل الجهل وضعفاء البصائر لتوقعهم في الضلال، وحيث ظلمت أهل العلم والدين ورميتهم بما هم بريئون منه من الإجرام والزندقة والتشبيه؛ فأنت أولى بهذه الأوصاف، وقد ذكرنا سابقا قول النبي -صلى الله عليه وسلم- من دعا رجلا بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه ؛ أي رجع عليه تكفيره أو رميه للأبرياء بالإجرام والزندقة.
فأما الآية الكريمة فقد نزلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- وعرف معناها، ولم يتوقف عن الغزو والقتال للكفار وبعث السرايا والجيوش لقتال المشركين وتوصيتهم بالدعوة ثم القتال، كما في حديث بريدة من قوله: فإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال، فأيتهن ما أجابوك لها فاقبل منهم وكف عنهم فذكر الإسلام ثم الجزية ثم قال: فإن هم أبوا فاستعن بالله قاتلهم .
وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وقال تعالى: سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فالقتال إلى أن يحصل الإسلام هو إكراه على الدين، فعلى هذا فالآية منسوخة بآيات القتال العام للمشركين، أو خاصة بأهل الكتاب الذين يبقون على دينهم مع بذل الجزية ولا يكرهون على الدين، أو خاصة بمن نزلت فيه من أولاد الأنصار الذين تهودوا أو تنصروا، فمنع الله أولياءهم من إكراههم على الدخول في الإسلام.
وعلى كل حال فمتى أصر الكافرون أو المشركون على كفرهم وعاندوا، فإنه فرض على المسلمين وولاة أمورهم قتالهم حتى يسلموا ويوحدوا لله تعالى، ومتى ارتدوا وخرجوا عن الإسلام أو فعلوا ما يناقضه وجب إقامة الحد عليهما ولو بالقتل؛ لحديث: من بدل دينه فاقتلوه وقد شرع الله الجهاد في سبيله وعمل به المسلمون في كل زمان ومكان، فقاتلوا أصناف الكفار، حتى توسعت رقعة الإسلام ودخل الناس في دين الله عن طوع واختيار أو عن إلجاء وإكراه، وعلى ذلك حمل قوله -صلى الله عليه وسلم- عجب ربك من قوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل .
فأما حديث: إذا التقى المسلمان بسيفيهما... الحديث، وحديث: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر وآية: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا ؛ فقد قيدت بالمسلم والمؤمن الذي أسلم لله وحده، وآمن به ربا وإلها، وعمل بحقيقة الإلهية، فوحد الله وأخلص له الدين، واستسلم لله بالتوحيد وانقاد له بالطاعة، وتبرأ من الشرك ومن المشركين أينما كانوا، ونابذهم وأظهر لهم البغض والعداوة؛ فهذا هو الذي سبابه فسوق وقتاله كفر، ومن قتله متعمدا فجزاؤه جهنم، وهؤلاء لم يقاتلهم الشيخ محمد -رحمه الله- بل صادقهم ووافقهم، ونصح لهم وأحبهم وصافاهم؛ لأنهم أخوته في الدين، وإنما قاتل من أشرك بالله الشرك المحبط للأعمال بدعاء الأموات والاستنجاد بهم، والهتاف بأسمائهم والحلف بهم، وتعظيمهم بما لا يستحقه إلا الله، فهم قد أبطلوا توحيدهم ونقضوا إيمانهم وأخلوا بوصف الإسلام، فقاتلهم ليرجعوا إلى دينهم وينيبوا إلى ربهم، فله عليهم المنة والفضل، حيث بين لهم الحق وردهم إليه فأجره على الله.