جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
الثمرات الجنية شرح المنظومة البيقونية
34466 مشاهدة
الحديث المنكر

والمنكرُ الفرْدُ به راوٍ غدا تعْدِيلهُ لا يحمِـلُ التَّفردَا
الحديث المنكر:
قوله
(والمنكر الفرد به راو غدا...تعديله لا يحمل التفردا).


(المنكر) هو ما رواه راوٍ تفرَّد به، وتفرده لا يحتمل، يقال: هذا حديث منكر تفرَّد به فلان وتفرده ليس بمقبول، أَما لو تفرَّد به إنسان ثقة عدل كالزهري والشعبي والأَعمش فإنَّه لا يكون منكرا بل يكون مقبولا، فإذا تفرَّد ليث بن أبي سليم أَو عطاء بن السائب بهذا الحديث مثلا فإنه يكون منكرا، وقد ذكرنا أن أبا قيس روى عن هزيل عن المغيرة المسح على الجوربين، وأنه تفرد به، فسمى منكرا، يُقال: إن أبا قيس و هزيلا لا يحتملان هذا التفرد، أي: لا يقوى على أن يقبل تفرده دون سائر الرواة الكثيرين، فهذا هو المنكر، وكأننا استنكرنا على هذا الراوي تفرده .
الحديث المعروف

ويقابله (المعروف) فالمنكر ضده المعروف، وهو رواية من لم يخالف غيره، ولم ينفرد، يقال: المعروف رواية فلان وفلان المرسلة مثلا، والمنكر رواية فلان المتصلة، وهكذا فعندنا مثلا حديث: كل أمر ذي بال لا يُبْدأُ فيه بحمد الله فهو أجذم هذا رواه قرة بن عبد الرحمن عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا ، وقرة ضعيف تفرد به، فيُقال: هذا الحديث منكر، تفرد به قرة، وضعفه ظاهر لا يحتمل التفرد، وقد رواه جماعة عن الزهري ولم يذكروا أبا هريرة ولا أبا سلمة بل قالوا: عن الزهري عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرفوعا ، فروايتهم المعروفُ، ورواية قرة المُنْكَرُ؛ حيث إن هذا هو المعروف الذي تتابع عليه تلامذة الزهري فأرسلوه، وانفرد قرة بن عبد الرحمن فوصله، فيسمى حديثا منكرا من رواية قرة له، ومرسلا برواية الآخرين.