إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
الثمرات الجنية شرح المنظومة البيقونية
34469 مشاهدة
عدالة الراوي

يرْوِيهِ عَدْلٌ ضَابطٌ عَنْ مِثلهِ مُعْتمَــدٌ فـي ضَبْطِـهِ ونقْلِه
تعريف العدالة:
قوله:
(يرويه عدل ضابط عن مثله...) .


العدل الضابط المراد به الراوي، ولا بد في الراوي من وصفين: العدالة، والضبط.
والعدالة ما هي؟ معلوم أنها تشترط العدالة في الشاهد مثلا في المحاكم لقوله -تعالى- وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ فكذلك العدالة في رواي الحديث، أي: لا بد فيه من اعتبار العدالة.
وقد تكلم الفقهاء في العدالة في الشهود، وذكروا ما يقدح في عدالة الشاهد، وما يخرجه من سمة العدالة، وقالوا: العدالة هي:
أولا : فعل الواجبات وترك المحرمات.
ثانيا : المحافظة على الشِّيم والأَخلاق.
ثالثا : فعل المُروءات. والمروءة هي: أن يفعل كل ما يُجَمِّل ويُزين، ويترك ما يُدنس ويشين، فهذا هو العدل، وتفصيل ذلك طويل، وقد توسعوا فيه في كتب الفقه في كتاب الشهادات، وذكروا أمثلة مما يقدح في عدالة الشاهد، حتى أوصلها بعضهم إلى مائة قادح أو أكثر، حتى قدحوا في شهادة من يأكل في الأسواق، أو يمشي كاشفا لبعض عورته كفخذيه، أو يمد رجليه في المجالس، أو يضطجع أمام الناس ولا يبالي؛ لأن ذلك يدل على سخافته ودناءته، وعلى نذالة خلقه، وكذلك قدحوا في شهادة من يجاهر بالمعصية ويعلن بها ونحو ذلك، فكذلك يقدح في روايته.