اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
التعليقات على متن لمعة الاعتقاد
50658 مشاهدة
وجوب الحج والجهاد مع كل إمام برا كان أو فاجرا

ص (ونرى الحج والجهاد ماضيا مع كل إمام، برا كان أو فاجرا، وصلاة الجمعة خلفهم جائزة، قال أنس قال النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث من أصل الإيمان، الكف عمن قال لا إله إلا الله، ولا نكفره بذنب، ولا نخرجه من الإسلام بعمل. والجهاد ماضٍ منذ بعثني الله عز وجل، حتى يقاتل آخر أمتي الدجال، لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل، والإيمان بالأقدار، رواه أبو داود ).


س 57 (أ) ما حكم الجهاد والحج مع أئمة الجور (ب) وما معنى: ماضيان. (ج) وما حكم الصلاة خلف الظلمة (د) وما درجة الحديث المذكور. (هـ) وما معنى: ثلاث من أصل الإيمان. (و) وما دلالة الحديث؟
ج 57 (أ) يلزم الرعية طاعة ولاة الأمور، ولو ظهر منهم شيء من الظلم والجور، وقد روي في الحديث من خرج عن الطاعة، وفارق الجماعة، فمات مات ميتة جاهلية وقد قال الله تعالى: أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ وقد كان الصحابة والسلف يصلون خلف بعض الفسقة، ويقيمون الحج والجهاد تحت إمرة بعض الولاة الظلمة، كالحجاج والمختار بن أبي عبيد والوليد بن عقبة بن أبي معيط وكل هذا رد على الرافضة القائلين: إنه لا جهاد إلا مع إمام معصوم.
(ب) وقوله: ماضيان. أي واقعان موقعهما في الإجزاء، وأداء الواجب، وخص الحج والجهاد لاحتياجهما إلى أمير يقاوم قطاع الطريق، ويسوس الجيش، ونحو ذلك مما يحصل بالبر والفاجر.
(ج) وأما صلاة الجمع والأعياد والجماعات خلفهم فجائزة، لأن صلاتهم في نفسها كاملة الشروط والواجبات، ولم يزل السلف يصلون خلف أمراء الجور ولا يعيدون، وفي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطئوا فلكم وعليهم .
(د) وحديث أنس هذا رواه أيضا البيهقي والضياء المقدسي وفي سنده رجل مجهول، ولكن له شواهد.
(هـ) ومعنى قوله ثلاث من أصل الإيمان أن هذه الثلاث من خصال الإيمان، ومما يلزم كل مؤمن اعتقادها والعمل بها، فمن أخل ببعضها نقص إيمانه.
(و) ودلالة الحديث في الخصلة الثانية، حيث أخبر أن الجهاد ماض أي مستمر في هذه الأمة، لا يجوز تركه لجور جائر أو عدل عادل، وأنه مستقر في الشريعة، من حين فرض على النبي صلى الله عليه وسلم، إلى أن يقاتل الدجال في آخر الدنيا.