اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
التعليقات على متن لمعة الاعتقاد
50592 مشاهدة
(الكلام في الحساب)

ص (ويحاسبهم الله تبارك وتعالى، وتنصب الموازين، وتنشر الدواوين، وتتطاير صحائف الأعمال إلى الأيمان والشمائل، فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا وَيَصْلَى سَعِيرًا ) [الانشقاق: 7- 12].


س 49 (أ) على أي شيء يكون الحساب؟ (ب) وهل هو عام أو خاص (ج) وما الدواوين؟ (د) وما الكتب التي يعطونها؟ (هـ) وكيف يؤتى الشقي كتابه بشماله ومن وراء ظهره؟
ج 49 (أ) يعتقد المسلمون أن الله سيجمع الأولين والآخرين في موقف القيامة، ليفصل بينهم وأنه سوف يحاسبهم على أعمالهم، وأنه سريع الحساب، فيسألهم ويقررهم بذنوبهم، فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ قال تعالى فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الحجر: 92 - 93]، وفي الصحيح عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس أحد يناقش الحساب إلا عذب وأما قوله تعالى فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما ذلك العرض أي عرض الأعمال من غير مناقشة.
(ب) وظاهر أكثر الأدلة أن الحساب عام لكل فرد، وفي بعض الآثار أن الكفار يساقون إلى النار بلا حساب، لأنهم لا حسنات لهم، ولكن لا بد أن الله يسألهم مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ و مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ وقد ذكر الله أنه يخرج للعبد كتابه، ويقول اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا [الإسراء]، وأن الكافر يقول يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ [الحاقة: 25 - 26].
(ج) والدواوين هي صحف الأعمال، التي دونت فيها الحسنات والسيئات، فكل يجد ما قدمت يداه في كتابٍ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا [الكهف: 49].
(د) وهذه الكتب هي التي يعطونها بالأيمان والشمائل، لقوله تعالى فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا [الإسراء: 71]، وقيل إن الكتاب الذي يعطاه أحدهم بطاقة فيها علامة السعادة أو الشقاوة، والأول أظهر.
(هـ) وأما أخذ الكافر كتابه بشماله ووراء ظهره، فقيل: تلوى الشمال خلف الظهر، وقيل تنزع من صدره وتركب خلف ظهره، ثم يسلم كتابه بها وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [التغابن: 7].