القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
أخبار الآحاد
49918 مشاهدة
مناقشة من يقول لو أفاد خبر الواحد العلم لجاز نسخ القرآن ومتواتر السنة به

8- ومنها قولهم لو أفاد خبر الواحد العلم لجاز نسخ القرآن ومتواتر السنة به لكونه بمنزلتهما، فلما لم يجز ذلك دل على عدم إفادته العلم.
       فيقال : يندر أن يقع الاختلاف الكلي بين نص من القرآن أو السنة المتواترة مع الآحاد الصحيحة، يحتاج معه إلى القول بالنسخ، مع أن النسخ حتى بالمتواتر قد أنكره بعض من ينتسب إلى العلم ونصره بعض المتأخرين .
     ثم إن احتيج إليه فلا مانع من القول بالنسخ، ورفع الحكم السابق، عند تعذر الجمع، ولو كان السابق معلوما بالضرورة، بعد تحقق ثبوت الخبر وتأخره.
     وقد وقع ذلك في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، فعمل أهل قباء بخبر الواحد الذي نقل لهم نسخ القبلة الأولى ، وهكذا أبو طلحة الأنصاري أتلف جرار الخمر، وأمر بإراقتها اعتمادا على خبر الذي نقل لهم تحريمها كما سيأتي تخريج هذين الحديثين إن شاء الله .
     ثم إن قيل بالمنع فإنما ذلك لعدم المساواة في العلم، وسيأتي قريبا إن شاء الله أن العلم يتفاوت في الكم والكيف، ولأن السنة متأخرة الرتبة عن القرآن، لكونها بيانا له، ولحديث معاذ الذي سيأتي إن شاء الله، لما قال له النبي صلى الله عليه وسلم: كيف تقضي؟ قال: بكتاب الله، قال: (فإن لم تجد؟) قال: بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .