إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
فتاوى وأحكام في نبي الله عيسى عليه السلام
37801 مشاهدة
اعتراف عيسى بأن الإله هو الله تعالى

[س 33]: هناك نص في إنجيل متى الإصحاح (27) فقرة (45، 46) يقول: ومن الساعة السادسة كانت ظلمة على كل الأرض إلى الساعة التاسعة. ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا: إيلي إيلي لما شبقتني (أي: إلهي، إلهي لماذا تركتني؟). فهذا نص واضح صريح في تناقض الإنجيل لسببين بينين:
الأول: اعترافهم أن عيسى -عليه السلام- قال: إلهي، ولم يقل: أبي.
الثاني: كيف يكون أنزل ليصلب من أجل تكفير ذنوب البشر- كما يزعمون- ويصرخ بصوت عال: لماذا تركتني، معترضا على الأمر الذي من أجله أنزل؟
هل هناك تعليق أو إضافة لفضيلتكم- رعاكم الله- على هذا النص الموجود في الإنجيل؟
الجواب: هذا النص كغيره من النصوص في التوراة والإنجيل والقرآن كثيرة واضحة الدلالة على اعتراف عيسى بأن الإله هو الله تعالى، وهو ربه ورب الناس كلهم، فهو مثل قوله في سورة المائدة: مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وقوله في سورة آل عمران: إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ وفي سورة مريم: وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ وفي سورة الزخرف: إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ كما أخبر بأنه مرسل من ربه في قوله تعالى: وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ ونحو ذلك من الأدلة.
ويشهد بذلك العقل والنقل وكتب الله المنزلة على رسله قبل عيسى التي فيها تنزيه الله تعالى عن الصاحبة والولد، وعن الند والشبيه والمثيل، وترد قول النصارى في عيسى
وقد أطال علماء هذه الأمة في الرد عليهم، وبيان سخافة عقولهم؛ حيث زعموا أن الرب تعالى تمثل في عيسى وظهر للناس بصورة بشر يأكل ويشرب، ويحتاج إلى التخلي، أو اعتقاد أن عيسى ابن الله تعالى، وأنه مع ذلك قد خذله وسلط عليه أعداءه حتى ضربوه ووضعوا الشوك على رأسه وقتلوه، ثم صلبوه، وقد تخلى عنه أبوه الرب الذي بيده تصريف الكون، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .