إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
فتاوى وأحكام في نبي الله عيسى عليه السلام
37802 مشاهدة
تفسير روح القدس

[س 18]: ما تفسير علماء السلف رحمهم الله لقوله تعالى: إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ ؟
الجواب: لا شك أن روح القدس هو الملك الذي هو جبريل -عليه السلام- وهذا هو القول الراجح كما قاله ابن كثير، وجزم به في تفسيره قوله تعالى: وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وذكر أن ابن مسعود نص عليه، وتابعه على ذلك ابن عباس ومحمد بن كعب وإسماعيل بن خالد والسدي والربيع بن أنس وعطية العوفي وقتادة، وذكر في قوله تعالى: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لحسان: أجب عني، اللهم أيده بروح القدس . وفي بعض الروايات أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لحسان: اهجهم وجبريل معك . وقال حسان:

وجـبريل رسول الله فينا
وروح القدس ليس به خفاء

وروى ابن حبان وغيره عن ابن مسعود، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إن روح القدس نفث في روعي إنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها .
وحكى القرطبي عن مجاهد والحسن قالا: القدس هو الله وروحه جبريل، أي روح من الأرواح التي خلقها الله. وروى ابن أبي حاتم عن ابن عباس (بروح القدس) هو الاسم الأعظم الذي كان عيسى يحيي به الموتى، ونقل نحوه عن سعيد بن جبير وعبيد بن عمير.
وقال الربيع بن أنس: القدس هو الله تعالى، وقال السدي: القدس: البركة، وقال العوفي عن ابن عباس: القدس: الطهر، وقال ابن زيد: أيد الله عيسى بالإنجيل روحا كما جعل القرآن روحا. وقال الزمخشري: بالروح المقدسة: أي روح عيسى نفسه المطهرة.
والصحيح الأول وعليه الجمهور، وسمي عيسى روحا من الله؛ لأنه من الخلق الذين خلق أجسامهم وأرواحهم، وسمي جبريل روحا؛ لأنه روح مجردة من جسم محسوس، وهو مقدس أي منزه ومطهر عن المعاصي والمخالفات، فإن التقديس هو التطهير والتعظيم، كقول الملائكة: وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ أي نعظمك ونجلك وننزهك عن النقائص والمعائب.