لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
شرح كتاب العلم من صحيح البخاري
33939 مشاهدة
باب من رفع صوته بالعلم


قال أبو عبد الله - رحمه الله تعالى- باب من رفع صوته بالعلم.
قال: حدثنا أبو النعمان عارم بن الفضل قال: حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن يوسف بن ماهك عن عبد الله بن عمرو -رضي الله تعالى عنهما- أنه قال: تخلف عنا النبي -صلى الله عليه وسلم- في سفرة سافرناها فأدركنا وقد أرهقتنا الصلاة ونحن نتوضأ، فجعلنا نمسح على أرجلنا، فنادى بأعلى صوته: ويل للأعقاب من النار مرتين أو ثلاثا .


في هذا الباب من رفع صوته بالعلم الحديث يتعلق بالطهارة، ذكر الصحابي أنهم كانوا في سفر، وكانوا يتوضئون؛ إما أنهم يحملون الماء أو أنهم يتحرون أن يصلوا على ماء، فتأخر عنهم قليلا وقد أرهقهم وقت الصلاة، فلما جاء إليهم ورآهم يتوضئون وضوءا خفيفا، في بعض الروايات، أن أرجلهم لم تتبلغ بالماء وبالأخص مؤخرها -الذي يسمى العقب الذي هو فوق العرقوب-فنادى بأعلى صوته: ويل للأعقاب من النار، وكرر ذلك هذه فائدة علمية رفع بها صوته؛ يدل على أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يحرص على أن يعلم الناس بالفائدة التي يريد أن يبينها لهم، وأنه أيضا يكرر الفائدة مرة أو مرتين أو ثلاثا حتى يتبلغ بها الحاضرون؛ وحتى يسمعوها ويعقلوا المراد بها.
فهذا من الفوائد العلمية أفادهم حتى لا يتسرعوا في الطهارة ولا يخففوا الوضوء؛ بل يسبغون الوضوء، ففي هذا جواز رفع الصوت بالعلم إذا رأى إنسان من يخل بعبادة فإنه يرفع صوته أيها الناس: عليكم بكذا وكذا لا تتساهلوا بأمر كذا عليكم بالمحافظة على كذا فيرفع صوته حتى يسمعوه وحتى يبين لهم ما أخطئوا فيه. نعم.