إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
فتاوى في التوحيد
30304 مشاهدة
ما هي حقيقة التوكل؟

س4: ما هي حقيقة التوكل على الله -تعالى- ؟
الجواب: التوكيل لغة: إنابة الإنسان غيره فيما يعجز عنه. يقال: توكل بالأمر، إذا ضمن لك القيام به. والتوكل في الشرع: تفويض الأمور إلى الله -تعالى- والاعتماد بالقلب عليه، والرضا به حسيبا ووكيلا. وهو من العبادات القلبية التي يكثر الأمر بها ومدح أهلها، كقوله -تعالى- فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وقوله: فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ وقوله: فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا وقوله: وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ أي: يعتمدون عليه بقلوبهم مفوضين أمورهم إليه وحده، فلا يرجون سواه ولا يقصدون غيره، ولا يرغبون إلا إليه، فالله حسبهم، أي: كافيهم. كما قال -تعالى- وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ .
والتوكل لا ينافي فعل الأسباب، قال -تعالى- فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وقال: وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ فأمر بالعبادة والتقوى التي هي فعل الأسباب وتوقي المكروهات، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- لو أنكم توكلون على الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا وتروح بطانا أي: تفعل الأسباب وتتقلب في طلب المعاش.
فالمتوكل على الله هو المؤمن الذي يفعل أسباب السعادة في الدنيا والآخرة، ويطلب الرزق ويحترف بنفسه، مع اعترافه بأن ربه -تعالى- هو مسبب الأسباب، فلو شاء لما أثمرت الأشجار، ولا ربح التجار، ولا عاشت المواشي، ولا وجدت الحرف، فإذا فعلها العبد ووثق بربه رزقه من حيث لا يحتسب.
وقد رأى عمر قوما جلوسا في المسجد، وقالوا: نحن المتوكلون، فأمرهم بالاحتراف وقال: بل أنتم المتأكلون. فلا يجعل العبد توكله عجزا، ولا عجزه توكلا.