لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
شرح مختصر زاد المعاد
34236 مشاهدة
الاستعاذة والبسملة وقراءة الفاتحة بعد الاستفتاح

...............................................................................


بعد الاستفتاح يتعوذ: يستعيذ. أمر الله تعالى بالاستعاذة قال تعالى: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ فقيل إنه يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ لكن قال الله تعالى: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ فهاهنا ذكر أنه هو السميع العليم، فيندب أن يأتي بمعنى الآيتين، فيقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم -يجمع بين الأمرين- أعوذ بالله السميع العليم أخذا من آية فصلت، من الشيطان الرجيم أخذا من آية النحل، وحفظ أيضا أنه كان يزيد فيقول: من همزه ونفخه ونفثه أي: الشيطان. همزه فسر بالوسوسة، ونفخه التشكيك، ونفثه الكبر، فيأتي بهذا إذا تيسر.
بعد ذلك تشرع البسملة. الله تعالى أمر بالبسملة وذكرت البسملة في أوائل السور، فيستفتح بها. حفظ أنه صلى الله عليه وسلم جهر بها بعض أحيانا، ولكن الأكثر أنه كان يسر بها يسرها ولا يجهر بها، ولم يكن يداوم على الجهر بها، ذهبت الشافعية إلى الجهر بالبسملة، ولهم أدلة، ولكنها ليست ثابتة ليس منها شيء ثابت مرفوع، ولكن يدل على أنه يجوز الجهر بها أحيانا؛ ليعلم أنها من القراءة.
أما قراءة الفاتحة، فإنها ركن لا تصح الصلاة إلا بها. قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب وقال: كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج غير تمام .
لا خلاف أن الإمام يلزمه أن يقرأ بها في السرية وفي الجهرية، وإذا لم يقرأ بها في ركعة بطلت تلك الركعة، وكذلك المأموم عليه أن يقرأ بها أيضا؛ لأنه يصلي لنفسه.
وأما المنفرد والإمام يقرأ كل منهما بها، وأما المأموم الذي يصلي خلف الإمام ففي القراءة عليه خلاف، ولعل الأنسب والأصوب أنها تلزمه في السرية. إذا كانت القراءة سرية كالظهر والعصر، والأخيرة من المغرب، والأخيرتين من العشاء، وأما الجهرية كالفجر والجمعة والعيد، والأولتين من المغرب والعشاء، فإنها مستحبة في سكتاته. إذا سكت الإمام، وأما إذا لم يسكت ولم يستطع المأموم أن يقرأها، فإنه يتحملها الإمام، وتسقط عن المأموم، ويكون إنصاته واستماعه قائما مقام القراءة -قراءة الفاتحة-؛ لقول الله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا والإنصات هو الإصاحة والمتابعة أي تابعوا قراءة الإمام واستمعوا له. فإذا كان الإمام يسكت قرأها في سكتته.
اختلف هل يسكت الإمام بعد الفاتحة أم لا يسكت؟ أنكر بعض العلماء السكتة بعد الفاتحة، وكانوا إذا قال أحدهم: وَلَا الضَّالِّينَ ابتدأ مباشرة في السورة بعدها ولم يسكت، وآخرون استحبوا السكوت، ولعل هذا هو الأقرب أنه يسكت.
أولا: ليتراد إليه نفسه.
ثانيا: ليفكر ماذا يقرأ بعد الفاتحة من السور أو من الآيات.
ثالثا: ليمكن المأمومين من القراءة؛ حيث إن هناك من العلماء من ألزموا المأموم بالقراءة ولو حالة قراءة الإمام.
رابعا: أنه ورد ذلك في بعض الروايات أنه كان يسكت حفظ عن سمرة وعن عمران بن حصين أن للنبي -صلى الله عليه وسلم- سكتتان: سكتة إذا افتتح الصلاة، وسكتة بعد القراءة كلها، ثم قال الراوي: وإذا قال: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ أي: أنه يسكت بعد ذلك، فهذه السكتتات لعل المأموم يتمكن فيها من إتمام القراءة.
وإذا قرأ نصف السورة، وبقي عليه آية أو آيتان، ثم ابتدأ الإمام، فعليه أن يتم ما بقي، ولو مع قراءة الإمام؛ وذلك لما ورد من التأكيد فيها في حديث أنه -صلى الله عليه وسلم- سأل أصحابه: هل تقرءون خلف الإمام؟ قالوا: نعم، قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب فهذا دليل على أنه يقرأ بهذا خلف الإمام، وإذا لم يسكت الإمام ولم يتمكن المأموم من القراءة؛ سقطت عنه.