إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
شرح مختصر زاد المعاد
34229 مشاهدة
المسح على الخفين

...............................................................................


أما ما يتعلق بالمسح - مسح الخفين - فورد أنه صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين وغسل القدمين، وكان يلبس الخفين لحاجة التدفئة، وإذا كان لابسهما لحاجة التدفئة مسح عليهما، وإذا لم يكن لابسا لهما غسل القدمين.
وذكر العلماء أنه لا يشرع لبس الخفين لأجل سقوط الغسل؛ يعني لا يجوز أن تقول: أنا لست بحاجة إلى لبس الخفين ولكن ألبسهما حتى يسقط عني الغسل حتى أتخفف في غسل القدمين، إنما تلبس للحاجة حاجة التدفئة يعني دفع البرودة أو دفع الضرر أو ما أشبه ذلك، فأما من غير حاجة فلا.
ولكن إذا كان لابسًا للخفين للحاجة فإنه لا يخلعهما بل يمسح عليهما من باب الرخصة، فالمسح عليهما رخصة، والله تعالى يحب أن تؤتى رخصه، كما يكره أن تؤتى معصيته.
ورد أنه صلى الله عليه وسلم وقت للمسح على الخفين يومًا وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر، المسافر الذي يحمل معه الماء فإنه لأجل المشقة، .. ثم جاء العصر وأنت على طهر ولكنك مسحت عليهما تجديدًا، وكذلك جاء المغرب وأنت على طهر وتوضأت ومسحت تجديدًا، وجاء العشاء وأنت على طهر وتوضأت ومسحت تجديدًا، ولم ينتقض وضوءك إلا بعد ما مضى من الليل جزء؛ أي في الساعة العاشرة مثلًا انتقض وضوءك بعدما صليت الوتر، ففي هذه الحال يبدأ اليوم والليلة من الساعة العاشرة وقت انتقاض الوضوء، ففي الليلة القابلة لو جاءت الساعة العاشرة وأنت على وضوءك بعد العشاء فإنك لا تصلي بذلك الوضوء بعد الساعة العاشرة لتمام المدة؛ بل إذا أردت أن تقوم من الليل أو أن تصلي الوتر فإنك تخلعهما، وتجدد الوضوء، هذا هو قول الجمهور أنه متى مضت المدة انتقض الوضوء ولو كان الإنسان على طهر.
وهناك من يقول تبدأ المدة من أول مسح، فعلى هذا القول أول مسح هو العصر وإن لم يكن قد أحدث، وهناك من يقول تبدأ المدة من أول مسح بعد الحدث، يعني في هذه الحال إذا لم يمسح إلا وقت الفجر بدأ اليوم والليلة من الفجر، ولكن الاحتياط هو القول الوسط وهو أنه من أول حدث بعد اللبس.