اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
تفسير آيات الأحكام من سورة النور
56162 مشاهدة
البيوت التي لا يستأذن فيها

...............................................................................


ثم قال تعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ إذا كان هناك دار لك فيها متاع، لك فيها مال قد أودعته فيها؛ طعام أو أثاث أو فرش أو أواني، وهي ليس فيها ساكن، كما لو أعطاك صاحبها مفاتيحها وقال: ضع في داري متاعك، تضع فيها أكياسا لك أو فرشا أو أواني، ثم يكون معك مفتاحه ولو كانت ملكا لغيرك: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ ليس فيها أحد من أهلها ذكور ولا إناث صغار ولا كبار.
فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ ؛ يعني وديعة أودعتموها، وضعتتم ذلك فيها للحفظ؛ فيجوز لصاحب المتاع أن يدخلها، ولو لم يكن صاحبها ليأخذ متاعه، أو ليزيده أو ليأخذ بعضا منه أو ما أشبه ذلك.
وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ ؛ يعني يهدد من يكون دخوله تلصصا أو اختلاسا أو لنهب أو لاهتبال غفلة أو ما أشبه ذلك فهذا وعيد: وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ ؛ أي ما تظهرون وما تخفون تكتمون من أسراركم؛ فراقبوه فإنه عليم بكم.